فأتاه فقال له : يا عبد الله اعدني على عمرو بن هشام فقد منعني حقي.
قال : نعم فانطلق معه فدق على أبي جهل بابه ، فخرج اليه متغيراً. فقال له : ما حاجتك؟ قال : اعط الاعرابي حقه. قال : نعم.
وجاء الأعراب إلى قريش فقال : جزاكم الله خيرا ، انطلق معي الرجل الذي دللتموني عليه ، فأخذ حقي.
فجاء أبو جهل ، فقالوا : اعطيت الأعرايي حقه؟ قال : نعم. قالوا : إنما أردنا أن نغريك بمحمد ، ونهزأ بالأعرابي. قال : يا هؤلاء دق بابي فخرجت إليه ، فقال : اعط الأعرابي حقه ، وفوقه مثل الفحل فاتحاً فاه كأنه يريدني ، فقال : أعطه حقه ، فلو قلت : لا ، لابتلع رأسي ، فأعطيته (١).
ومن ذلك : أن قريشاً ارسلت النضر بن الحارث وعلقمة (٢) بن أبي معيط بيثرب إلى اليهود ، وقالوا لهما : إذا قدمتما عليهم فسائلوهم عنه ، وهما قد سألوهم عنه فقالوا : صفوا لنا صفته ، فوصفوه. وقالوا : من تبعه منكم؟ قالوا : سفلتنا. فصاح حبر منهم فقال : هذا النبي الذي نجد نعته في التوراة ، ونجد قومه أشد الناس عداوة له (٣).
ومن ذلك : أنّ قريشاً ارسلت سراقة بن جعشم حتى خرج إلى المدينة في طلبه ، فلحق به فقال صاحبه : هذا سراقة يا نبي الله ، فقال : اللهم اكفنيه ، فساخت قوائم ظهره (٤) ، فناداه : يا محمد خل عني بموثق اُعطيكه أن لا اُناصح غيرك ، وكل من عاداك لا اُصالح فقال النبي عليهالسلام : اللهم إن كان صادق
__________________
(١) روى نحوه الطبرسي في اعلام الورى : ٥٦ ، ونقله المجلسي في بحاره ١٧ : ٢٢٧| ١.
(٢) في هامش « م » : جشعم.
(٣) رواه الراوندي في الخرائج والجرائح ١ : ١١٤| ١٨٨ ، ونقله المجلسي في بحاره ١٧ : ٢٢٧| ١.
(٤) الظهر : الحيوان الذي يركب. « الصحاح ـ ظهر ـ ٢ : ٧٣٠ ». نحوه ،