ذكروا عن ابن مسعود أنّه قال : اغد عالما أو متعلّما ، ولا تكن فيما بين ذلك ، فإنّ ما بين ذلك جهل. وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع (١).
ذكروا عن أبي الدرداء قال : ألا حبّذا العالم والمتعلّم ، ولا تكن الثالث فتهلك. ذكروا عن ابن مسعود أنّه قال : تعلّموا العلم قبل أن يقبض ، فإنّ ذهاب العلم أن يقبض أهله ، وإنّ أحدكم سيحتاج إلى غيره أو يحتاج إليه ، فإنّكم ستجدون قوما يزعمون أنّهم يدعونكم إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم ، فعليكم بالعلم ، وإيّاكم والبدع والتنطّع ، وعليكم بالعتيق (٢).
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لا تقوم الساعة حتّى يرفع العلم ؛ فقال زياد بن لبيد : يا رسول الله ، أيرفع العلم ونحن نقرأ القرآن أبناؤنا ونساؤنا؟ فقال : ثكلتك أمّك ، قد كنت أعدّك من فقهاء المدينة ؛ أوليس كتاب الله عند اليهود والنصارى فما أغنى عنهم؟ إنّ ذهاب العلم ذهاب العلماء (٣).
قوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) : قال بعضهم : أخذ الله ميثاق النبيّين على قومهم (لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ) : يعني محمّدا عليهالسلام (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ). قال الحسن : هذا ميثاق أخذه الله على الأنبياء في محمّد ، ما خلا محمّدا فإنّه لا نبيّ بعده ، ولكنّه قد أخذ عليه أن يصدّق بالأنبياء كلّهم ففعل. فـ (قالَ أَأَقْرَرْتُمْ) فأقرّوا بذلك كلّهم (وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) : أى ميثاقي. وقال
__________________
ـ قال : «من يرد الله به خيرا يفقّهه في الدين ، ورواه أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن أنس بن مالك عن النبيّصلىاللهعليهوسلم في مسند الربيع بن حبيب (رقم ٢٥). وأخرج البخاري عن عثمان بن عفّان قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه». وفي رواية له : «إنّ أفضلكم من تعلّم القرآن وعلّمه». انظر ابن حجر ، فتح الباري ، كتاب فضائل القرآن ، باب خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه ، ج ٩ ص ٧٤ ـ ٧٧ (رقم ٥٠٢٧ ـ ٥٠٢٨).
(١) هذه الجملة الأخيرة من كلام ابن مسعود ألفاظ حديث رواه أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن أنس بن مالك عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم. انظر مسند الربيع بن حبيب ، باب في العلم وطلبه وفضله. (رقم ١٩).
(٢) هذا كلام نفيس ، وتوجيه سديد من ابن مسعود رضي الله عنه ؛ فليت شبابنا من طلّاب العلم الدينيّ خاصّة يتدبّرون معانيه ، ويحملون أنفسهم على العمل بمقتضاه ؛ فالعلم الحقيقيّ النافع هو ما أخذ من العتيق أوّلا.
(٣) رواه أحمد وابن ماجه بزيادة ونقصان وبألفاظ متشابهة ، انظر سنن ابن ماجه ، كتاب الفتن ، باب ذهاب القرآن والعلم ، (رقم ٤٠٤٨).