وهم الذين قال [فيهم] (١) : (وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (٨٣) [المائدة : ٨٣]. (وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ) : والخشوع : المخافة الثابتة في القلب. وقال بعضهم : الخشوع التواضع ، وهما واحد.
(لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) : كما اشترى به غيرهم من أهل الكتاب. (أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) : أى الجنّة. (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (١٩٩).
ذكر بعض المفسّرين قال : إنّما نزلت في النجاشيّ وأناس من أصحابه آمنوا بنبيّ الله وصدّقوه.
ذكر الحسن أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لّما بلغه موت النجاشيّ قام وأمر أصحابه فصلّوا عليه ؛ فقال من قال : يأمرنا أن نصلّي على علج من الحبشة ، فأنزل الله : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ ...) إلى آخر الآية.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا) : قال بعضهم : اصبروا على طاعة الله ، وصابروا أهل الضلالة ، ورابطوا في سبيل الله.
وقال بعضهم : اصبروا على الفرائض ، ورابطوا العدوّ.
وقال الحسن : اصبروا على أمر الله الذي فرض عليكم من الجهاد وغيره ، وصابروا عليه ، ورابطوا في سبيل الله ، أى الكفّار.
وقال الكلبيّ : اصبروا على البلاء ، وصابروا عدوّكم ورابطوهم.
قوله : (وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢٠٠) : أى لكي تفلحوا ، وهي واجبة لمن فعل. والمفلحون : السعداء ، وهم أهل الجنّة (٢).
* * *
__________________
(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) في مخطوطة د ، وفي أصلها جاء هذا الدعاء ، وهو زيادة من أحد النسّاخ ولا شك : «اللهمّ اجعلنا من أهل الجنّة وأصحابها ، وممّن تدخل عليهم الملائكة من أبوابها ، تبشّرهم بزلفى وحسن مآبها ، يا أرحم الراحمين». آمين.