وبنو محارب أن يفتكوا به ، فأطلعه الله على ذلك. وذكر لنا أنّ رجلا انتدب لقتله ، فأتى نبيّ الله وسيفه موضوع ، فقال : آخذه؟ قال : خذه. قال : أسلّه؟ قال : سله. فلمّا انتضاه قال : ما يمنعك؟ قال الله يمنعني منك. فتهدده أصحاب النبيّ وأغلظوا له ، فشام السيف فردّه ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالرحيل. وأنزلت عليه صلاة الخوف عند ذلك.
ذكر جابر بن عبد الله قال : نزلت صلاة الخوف في الغزوة السابعة (١).
قوله : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) : ذكر بعضهم قال : أى : شاهدا ؛ من كلّ سبط شاهد على قومه. قال الحسن : ما ضمنوا عنهم من شيء قبلوه من الدين ، فهم ضامنون له قابلوه. وقد جعل رسول الله أيضا بما أمره الله اثني عشر نقيبا ليلة العقبة. وقال مجاهد : من كلّ سبط رجلا ، فأرسلهم موسى إلى الجبّارين.
قوله : (وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ) : على الشرط (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ) : أى ونصرتموهم (وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) : أى : الصدقة والنفقة في الحقّ. (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) : وهو كقوله في سورة البقرة : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) [البقرة : ٤٠] وقد فسّرنا ذلك في سورة البقرة.
وتفسير مجاهد : إنّ موسى أرسل نقيبا من كلّ سبط إلى الجبّارين ، فوجدوهم يدخل في كمّ أحدهم اثنان منهم ، فرجع النقباء كلّهم ينهى سبطه (٢) عن قتالهم ، إلّا يوشع بن نون وطالوت (٣)
__________________
(١) يذكر المفسّرون في سبب نزول الآية قصّتين أورد المؤلّف هنا إحداهما. والثانية التي لم يشر إليها هي حديث بني النضير ومخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليهم في دية الرجلين ، وما كان من همّ اليهود ، وعلى رأسهم كعب بن الأشرف ، قتل نبيّ الله عليهالسلام بإلقائهم رحا عظيمة عليه ، وهو جالس مع أصحابه في حائط لهم ، فأتاه جبريل فأخبره بمحاولة غدر اليهود به ، وقد كفّ الله أيديهم عنهم. والطبريّ في تفسيره ، ج ١٠ ص ١٠٦ ـ ١٠٧ يرجح هذه القصّة الأخيرة في سبب نزول الآية. وانظر الواحدي ، أسباب النزول ، ص ١٨٥ ـ ١٨٧.
(٢) كذا في ع ود : «رجع النقباء كلّهم ينهى سبطه» ، وفي تفسير مجاهد ص ١٨٩ : «فرجع النفر كلّهم ينهى سبطه». وفي تفسير الطبريّ ، ج ١٠ ص ١١٣ : «فرجع النقباء كلّ منهم ينهى سبطه» ، وهو الصواب.
(٣) كذا في ع ود : «وطالوت» وهو خطأ ولا شكّ ، صوابه ما ورد في كتب التفسير : كالوب أو كالب بن يافنة ، ـ