فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) : فيجعل منكم القردة والخنازير ؛ لو كان لكم هذا القرب وهذه المحبّة ما عذّبكم أبدا.
وقال الكلبيّ : إنّهم يقرّون أنّ الله معذّبهم عدد الأيّام التي عبدوا فيها العجل ، وليس يقرّون بما وراء ذلك ، فاحتجّ عليهم بما يقرّون به.
قوله : (بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) : أى للمؤمنين (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) أى الكافرين (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (١٨) : أى المرجع.
قوله : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا) : أى لئلّا تقولوا يوم القيامة (ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ) : يبشّر بالجنّة (وَنَذِيرٌ) : ينذر من النار ، يعني محمّدا صلىاللهعليهوسلم (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٩). والفترة ما بين عيسى ومحمّد خمسمائة سنة ، وفي تفسير بعضهم : ستّمائة سنة أو ما شاء الله من ذلك.
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أنا أولى الناس بعيسى لأنّه ليس بيني وبينه نبيّ (١).
قوله : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) : قال الكلبيّ : (إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ ، أَنْبِياءَ) كان منهم في حياة موسى اثنان وسبعون نبيّا. وقال في قوله : (وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) : الرجل ملك بيته لا يدخل عليه إلّا بإذن.
ذكروا أنّ مجاهدا قال : جعل لكم أزواجا وبيوتا وخدما. وقال الحسن : (وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) : أحرارا ، لأنّهم كانوا في قوم فرعون بمنزلة أهل الجزية فينا ، فأخرجهم من ذلك الذلّ.
قوله : (وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) (٢٠) : أى فيما ظلّل عليهم من الغمام ، وأنزل عليهم من المنّ والسلوى وأشباه ذلك ممّا أوتوا. وقال مجاهد : يعني المنّ والسلوى والحجر والغمام.
__________________
(١) كذا ورد هذا الحديث الصحيح مختصرا هنا ، انظر التعليق عليه فيما سلف قريبا ، تفسير الآية ١٥٩ من سورة النساء.