وقال الكلبيّ : لعنوا على لسان داود لّما اعتدوا في السبت ، دعا عليهم باللعن وقال : اللهمّ اجعلهم آية ومثلا لخلقك ، فأصبحوا قردة خاسئين. وأمّا لعنة عيسى ، فمن أكل من المائدة ولم يؤمن قال عيسى حين كفروا : اللهمّ إنّك قد وعدت من لم يؤمن بك وكفر بعد ما يأكل من المائدة تعذّبه عذابا لا تعذّبه أحدا من العالمين ، اللهمّ العنهم كما لعنت أصحاب السبت. فأصبحوا خنازير.
قال : (كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) (٧٩) : وسنفسّر ذلك في سورة الأعراف (١).
قوله : (تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ) : يعني من لم يؤمن منهم. (يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) : أى يتولّون مشركي العرب. قال الله : (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ) : [أي لأن سخط الله عليهم] (٢) (وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ) (٨٠).
قال : (وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ) (٨١) : قال مجاهد : (ولو كانوا يومنون بالله والنّبيء) أى : يتّقون الله ويتّقون النبيّ ، يعني المنافقين ، (مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ) أى : ما وادّوهم ولا ناصحوهم.
قوله : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) : يعني مشركي العرب ، وهم الذين كانوا بحضرة النبيّ من المشركين يومئذ. (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) : يعني من آمن منهم وكان على النصرانيّة في الأصل فآمن.
قال : (ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً) : يعني من آمن منهم (وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (٨٢) : عن عبادة الله والإيمان به.
قوله : (وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ) : يعني محمّدا (تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (٨٣) : أى
__________________
(١) سيأتي هذا مفصّلا في تفسير قوله تعالى : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ) الآية : ١٦٣ فما بعدها.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٨٦.