فاجعلنا مع الشاهدين ، أى مع من يشهد بما جاء به محمّد أنّه حقّ.
وقال بعضهم : (فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) أى مع أمّة محمّد الذين يشهدون يوم القيامة على الأمم أنّ رسلها قد بلّغتها.
(وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ) (٨٤) : وهم أهل الجنّة.
وقال الكلبيّ : في قوله : (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) قال : هم أربعون رجلا آمنوا بالنبيّ عليهالسلام من النصارى : اثنان وثلاثون رجلا من الحبشة ، وثمانية من رهبان الشام. فلمّا رجعوا إلى أرضهم لامهم قومهم وقالوا : تركتم ملّة عيسى ودين آبائكم ، فردّوا عليهم وقالوا : (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ).
قال الله : (فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) : أى : في الجنّة (وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) (٨٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (٨٦) : أى أهل النار.
وقال بعضهم : (ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً) قال : هم أناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحقّ ممّا جاء به عيسى ؛ فلمّا بعث الله محمّدا صدّقوه وآمنوا به ، فأثنى الله عليهم ما تسمعون. وقال في القصص : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) [القصص : ٥٤] أى بإيمانهم بعيسى وإيمانهم بمحمّد عليهماالسلام.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٨٧).
ذكروا عن الحسن أنّ ثلاثة من أصحاب النبيّ عليهالسلام جعل أحدهم على نفسه ألّا ينام أبدا ، وجعل الآخر على نفسه ألّا يفطر نهارا أبدا ، وجعل الآخر على نفسه ألّا يغشى النساء أبدا [وكان عثمان بن مظعون ممّن جعل على نفسه ألّا يغشى النساء. وكانت امرأته تأتي أزواج النبيّ في شارة حسنة وريح طيّبة. فلمّا جعل عثمان على نفسه ما جعل أتتهنّ على غير تلك الشارة ، فأنكرن عليها ، فقالت : إنّما تصنع المرأة لزوجها ، وإنّ فلانا وفلانا جعلوا على أنفسهم كذا وكذا. فلمّا جاء