قال : (فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ) : يعني القران (فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٥) : أى يأتيهم علمه في الآخرة فيأخذهم الله به ويدخلهم النار.
قوله : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) : هذا على الخبر (مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) : يعني من أهلك من الأمم السالفة حين كذّبوا رسلهم. يحذّر مشركي العرب ويخوّفهم ما أهلك به الأمم حين كذّبوا رسلهم. (وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ) : أى وخلقنا من بعدهم (قَرْناً آخَرِينَ) (٦).
قوله : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ) : قال بعضهم : فعاينوه معاينة ومسّوه بأيديهم. وذلك أنّهم سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يأتيهم بكتاب يقرأونه ؛ قالوا : لن نؤمن بك حتّى تنزّل علينا كتابا نقرأه من الله إلى فلان بن فلان ، إلى كلّ رجل باسمه واسم أبيه أن آمن بمحمّد فإنّه رسولي. (لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٧) : أى بيّن.
قوله : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) : أى في صورته. قال مجاهد : وقد قالوا في آية أخرى : (لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) (٧) [الفرقان : ٧]. وفي تفسير الحسن : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ) أى يأمرنا باتّباعه.
قال الله : (وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ) : أى بعذابهم (ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ) (٨) : أى لا يؤخّرون بعد نزول الملك ، لأنّ القوم إذا سألوا نبيّهم الآية فجاءهم بها ، ثمّ لم يؤمنوا ، لم يؤخّروا ، أى أهلكهم الله. وقالوا : (فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) (٥) قال الله : (ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ) (٦) [الأنبياء : ٥ ـ ٦] على الاستفهام ، أى أنّهم لا يؤمنون.
وقال بعضهم : يقول : لو أنزل ملكا فبعثناه إليهم ثمّ لم يؤمنوا لقضي بينهم ، أى العذاب والعقوبة ، (ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ) أى لا يؤخّرون.
قوله : (وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً) : قال مجاهد : في صورة رجل حتّى لا يعرفوا أنّه ملك ، ثمّ قال : (وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) (٩) : قال بعضهم : اللبس ، الخلط ، أى ولخلطنا عليهم ما يخلطون ، لأنّهم طلبوا أن يكون ملك مع آدميّ. قال : (وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً) : أى لجعلنا ذلك الملك في صورة آدميّ ، ولو فعلنا ذلك لدخل عليهم اللبس في الملك كما