أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٥) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ) : يعني من يّصرف عنه يومئذ عذابه (فَقَدْ رَحِمَهُ).
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لن ينجي أحدا منكم عمله ، قيل : ولا أنت يا رسول الله؟ قال : ولا أنا إلّا أن يتغمّدني الله برحمته ، ولكن قاربوا وسدّدوا ، واغدوا وروحوا ، وشيء من الدّلجة ، والقصد القصد تبلغوا (١).
قوله : (وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) (١٦) : قد فسّرناه في غير هذا الموضع (٢).
قوله : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ) : أى بمرض (فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ) : أى بعافية (فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) : من ذلك (قَدِيرٌ) (١٧).
(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) : قهرهم بالموت وبما شاء من أمره (وَهُوَ الْحَكِيمُ) : في أمره (الْخَبِيرُ) (١٨) : بأعمال عباده في تفسير الحسن. ويقال : الخبير بخلقه ، وهو واحد.
قوله : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً) : قال الكلبيّ : قال المشركون من أهل مكّة للنبيّ : من يعلم أنّك رسول الله فيشهد لك؟ فأنزل الله : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) فهو يشهد أنّي رسوله. وقال مجاهد : أمر النبيّ أن يسأل قريشا : أى شيء أكبر شهادة؟ ثمّ أمر أن يخبرهم فيقول : الله شهيد بيني وبينكم ، أى : إن لم تؤمنوا.
قوله : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ) : قال الحسن : عذاب الله في الدنيا والآخرة. قوله : (وَمَنْ بَلَغَ) : أى : ومن بلغه القرآن. قال بعضهم : ذكر لنا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال يا أيّها الناس ، بلّغوا ولو آية من كتاب الله ، فمن بلغه آية من كتاب الله فقد بلغه أمر الله أخذه أو تركه (٣).
__________________
(١) حديث متّفق على صحّته ، أخرجه البخاري في كتاب الرقاق ، باب القصد والمداومة على العمل ، وأخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم ، باب لن يدخل أحد الجنّة بعمله (رقم ٢٨١٦) كلاهما يرفعه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من طريق أبي هريرة. وأخرجه الربيع بن حبيب في مسنده مختصرا عن ابن عبّاس عن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم.
(٢) انظر ما سلف تفسير الآية ١٨٥ من سورة آل عمران.
(٣) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ، ج ١١ ص ٢٩٠ بسند عن قتادة مرسلا. وأخرج البخاري بعض ـ