النبيّ من المنظورين (١) إليهم قالوا : يا رسول الله : صدق عمّك فاطرد عنّا سفلة الموالي. وفي تفسير الكلبيّ : إنّ أبا طالب هو الذي قال له ذلك. قال : فعاتبهم الله في الآية الأولى. فجاءوا يعتذرون إلى رسول الله من سقطتهم (٢) ويسألونه أن يعفو عنهم فأنزل الله : (وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
قوله : (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) (٥٥) : أى : ولتستبين سبيل المشركين ، بالآيات التي فصّلها الله ، فصّل سبيل المهتدين من سبيل الضلالة (٣).
قوله : (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) : يعني الأوثان. (قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ) : يعني إنّما أعبد الله ، ولا أتّبع أهواءكم في عبادة الأوثان. (قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (٥٦).
قوله : (قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) : أى : النبوّة. (وَكَذَّبْتُمْ بِهِ) : أى : بالقرآن (ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) : أى من العذاب لقولهم : (عَجِّلْ لَنا قِطَّنا) [سورة ص : ١٦] أى عذابنا ، ولقولهم : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٣٢) [الأنفال : ٣٢] ، وأشباه ذلك. قال الله : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) [الحج : ٤٧].
قوله : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) : أى : إن القضاء إلّا لله. (يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) (٥٧) : أى : يحكم بالحقّ وهو خير الفاصلين. وهي تقرأ على وجه آخر : (يَقُصُّ الْحَقَ) من قبل القصص ، والوجه الأوّل أحسنهما ، لأنّه ذكر في آخر الآية الفصل ؛ فالفصل فصل القضاء ، يقول : يقضي الحقّ. (وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) ، أى القاضين.
(قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) : أى من عذاب الله (لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) : الساعة فآتيكم بالعذاب (وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) (٥٨) : أى فهو يعلم أنّكم
__________________
(١) كذا في ع : «من المنظورين إليهم». وفي د : «من المنظور إليه منهم».
(٢) كذا في د : «من سقطتهم» وهو أصحّ ، وفي ع : «من تنقيصهم». وله أيضا وجه.
(٣) كذا في ع ود : وفي ز ورقة ٤٩ : «بالآيات التي بيّن الله معها سبيل الهدى من سبيل الضلالة».