ظالمون مشركون. وهو ظلم فوق ظلم وظلم دون ظلم.
قوله : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) : أى خزائن الغيب ، لا يعلمها إلّا هو ، فهو يعلم متى يأتيكم العذاب في تفسير الحسن ، وبعضهم يقول : (مَفاتِحُ الْغَيْبِ) هي قوله : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (٣٤) [لقمان : ٣٤].
ذكروا عن ابن عمر أنّه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : خمس لا يعلمهنّ إلّا الله : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ...) إلى آخر الآية (١).
ذكر موسى بن عليّ عن أبيه قال : كنت عند عمرو بن العاص بالإسكندريّة إذ قال رجل : زعم قسطار (٢) هذه المدينة أنّ القمر يخسف به الليلة ، فقال رجل : كذب هذا ، لا ظننت تعلمون ما في الأرض ، فكيف تعلمون ما في السماء. فقال عمرو بن العاص : إنّ الله يقول : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ...) إلى آخر الآية ، وما سوى ذلك يعلمه قوم ويجهله آخرون.
ذكر الحسن قال : أضلّ رجل من المسلمين راحلته فذهب يطلبها ، فلقي رجلا من المشركين فنشدها إيّاه ، فقال : ألست مع هذا الذي يزعم أنّه نبيّ؟ قال : أفلا تقول له فيخبرك بمكان راحلتك. فمضى الرجل قليلا فردّ الله عليه راحلته. فلمّا جاء إلى النبيّ أخبره بقول الرجل ؛ قال له : فما قلت له؟ فقال : ما عسيت أن أقول لرجل من المشركين مكذّب. قال : أفلا قلت له : إنّ الغيب لا يعلمه إلّا الله ، وإنّ الشمس لم تطلع قطّ إلّا بزيادة أو نقصان (٣).
__________________
(١) حديث صحيح أخرجه البخاري في كتاب الاستسقاء ، باب لا يدري متى يجيء المطر إلّا الله ، ولفظه : «مفتاح الغيب خمس لا يعلمها إلّا الله ، لا يعلم أحد ما يكون في غد ، ولا يعلم أحد ما يكون في الأرحام ، ولا تعلم نفس ماذا تكسب غدا ، وما تدري نفس بأي أرض تموت ، وما يدري أحد متى يجيء المطر». وأخرجه مسلم في آخر حديث من أوّل باب في كتاب الإيمان عن أبي هريرة (رقم ١٠).
(٢) وردت الكلمة في ع هكذا : «قسطال» ، وفي د هكذا : «سطال» بدون نقط. ويبدو أنّ الصحيح ما أثبتّه : «قسطار» فقد ورد في المعرّب للجواليقي ، ص ٣١١ ما يلي : «القسطار ، والقسطار ، بضمّ القاف وكسرها : هو الميزان ، وليس بعربيّ. ويقال للذي يلي أمور القرية وشؤونها : «قسطار» وهو راجع إلى معنى الميزان».
(٣) لم أجد فيما بين يديّ من مصادر التفسير والحديث هذا الخبر ولا هذا الحديث.