قوله : (وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٥٩).
ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : أوّل ما خلق الله القلم فقال له : اكتب ، فقال : ربّ وما أكتب؟ قال : ما هو كائن. قال : فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة. فأعمال العباد تعرض على العباد كلّ يوم اثنين ويوم خميس فيجدونه على ما في الكتاب.
ذكروا أنّ سورة الأنعام نزلت كلّها جملة ، شيّعها سبعون ألف ملك. ومع هذه الآية الواحدة منها اثنا عشر ألف ملك : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ ...) إلى آخر الآية.
قوله : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) : يعني النوم (وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ) : أى ما عملتم بالنهار. ذكروا أنّ أبا موسى الأشعري قال : الذنوب جراحات ، وأعظمها القتل ، والإشراك بالله مقتلة.
قال : (ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ) : أى يبعث أحدكم في أجله حتّى يستوفي أجله ، في تفسير الحسن. وقال مجاهد : (ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ) أى في النهار. وقال : (لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى) : يعني الساعة باختلاف الليل والنهار. (ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) : يوم القيامة (ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٦٠)
قوله : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) : أى قهرهم بالموت وبما شاء من أمره (وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) : من الملائكة يحفظون أعمال العباد ويكتبونها ، ويحفظونه ممّا لم يقدر له حتّى يأتي القدر.
ذكر بعضهم عن بعض أصحاب النبيّ قال : ما من آدميّ إلّا ومعه ملكان يحفظانه في ليله ونهاره ، ونومه ويقظته ، من الجنّ والإنس والدوابّ والسّباع والهوائم ، وأحسبه قال : والطير ، إن أراده شيء قالا له : إليك حتّى يأتي القدر.
وقال بعضهم : (وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) يحفظون عليك يا ابن آدم رزقك وعملك وأجلك ، فإذا وفّيت ذلك قبضت إلى ربّك.
قوله : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) (٦١) : أى في