أمر الله. وبلغنا أنّ لملك الموت أعوانا من الملائكة هم الذين يسلّون الروح من الجسد ، حتّى إذا كانت عند خروجها قبضها ملك الموت ، ولا يعلمون آجال العباد حتّى يأتيهم علم ذلك من قبل الله.
قال : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ) : يعني مالكهم ، والحقّ اسم من أسماء [الله](أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) (٦٢).
ذكر بعضهم قال : يفرغ الله من القضاء بين الخلق [إذا أخذ في حسابهم] (١) في قدر نصف يوم من أيّام الدنيا (٢).
وفي تفسير الحسن : إذا أراد الله أن يعذّب قوما في الدنيا كان حسابه إيّاهم ـ أى عذابه إيّاهم ـ أسرع من لمح البصر.
قوله : (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) : أى من كروب البرّ والبحر (تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) : أمّا التضرّع فالخضوع ، والخفية السّرّ بالتضرّع (لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ) الشدّة (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (٦٣) : يعني المؤمنين.
قوله : (قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ) : أى لا ينجي من الكرب إلّا هو ؛ أى كلّ كرب نجوتم منه فهو الذي أنجاكم منه. قال : (ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ) (٦٤).
قوله : (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ).
ذكروا أنّ جابر بن عبد الله قال : لّما نزلت (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٩٤.
(٢) أورد هذا الخبر يحيى بن سلّام بقوله : «سمعت بعض الكوفيّين يقول : يفرغ الله من القضاء ...» الخ. ومثل هذه الأخبار التي تتعلّق بأمور المعاد ، والتي كثيرا ما تشحن بها كتب التفسير والتاريخ في القديم ، هي من قبيل الإسرائيليّات ولا شكّ. ويجب على المؤمن ألّا يشغل بها وقته ولا يصدّقها ما لم يثبت في شأنها عن الصادق المعصوم خبر صحيح. فنحن نؤمن بما جاء في القرآن مجملا كما أنزله الله ، ونقف عنده لا نتجاوزه. فالله أسرع الحاسبين وكفى. أمّا البحث عن مقدار سرعته أو كيفيّتها فذلك رجم بالغيب وتكلّف وقفو لما ليس للإنسان به علم. و «أحكام تلك الدار ليست كهذه» ، ونعوذ بالله من ترف العلم. المحقّق.