فَوْقِكُمْ ، أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اللهمّ إنّي أعوذ بوجهك (١). قال : (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) قال : هو ما كان بعد النبيّ عليهالسلام من الفرقة والاختلاف.
ذكروا عن الحسن أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلّى يوما صلاة فأطالها فقيل : يا رسول الله : قد رأيناك اليوم تصلّي صلاة ما رأيناك تصلّيها قال : إنّها صلاة رغبة ورهبة ، وإنّي سألت ربّي فيها ثلاثا ، فأعطاني منها اثنتين ومنعني واحدة ؛ سألته ألّا يسلّط على أمّتي عدوّا من غيرها ، فأعطانيها ، وسألته ألّا يسلّط على أمّتي السّنة فيهلكهم ، فأعطانيها ، وسألته ألّا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها (٢). ذكروا أنّ رسول الله قال : استقيموا ونعمّا إن استقمتم ، وخير أعمالكم الصلاة ، ولن تجوعوا ولن تعلوا ولا أخاف عليكم إلّا أنفسكم (٣).
وفي تفسير عمرو عن الحسن في قوله : (عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) أى فيحصبكم بالحجارة كما حصب قوم لوط أو ببعض ما ينزل من العذاب ، (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) أى بخسفة أو برجفة ، (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) أى اختلافا يخالف بعضكم بعضا (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) أى فيقتل بعضكم بعضا. قال : وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : سألت ربّي ألّا يظهر على أمّتي أهل دين غيرهم فأعطاني ذلك ، وسألته ألّا يهلكهم جوعا فأعطاني ذلك ، وسألته ألّا يجمعهم على ضلالة فأعطاني ذلك ، وسألته ألّا يلبسهم شيعا فمنعني ذلك (٤).
قوله : (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ) : أى كيف نبيّن الآيات (لَعَلَّهُمْ
__________________
(١) حديث صحيح أخرجه البخاري في كتاب التفسير ، سورة الأنعام. ولفظه : «لّما نزلت هذه الآية (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أعوذ بوجهك. قال : (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) قال : أعوذ بوجهك ، (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذا أهون ، أو هذا أيسر». وأخرج الترمذيّ في أبواب تفسير القرآن ، وفي آخر الحديث : «هاتان أهون ، أو هاتان أيسر» ، وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ، ج ١١ ص ٤٢٢.
(٢) رواه أحمد عن معاذ بن جبل ، ورواه أيضا أحمد والنسائيّ عن أنس بن مالك ، وروى الحديث عن نافع بن خالد الخزاعي عن أبيه ، فالحديث صحيح من طرق مختلفة وبألفاظ متشابهة.
(٣) أخرجه ابن ماجه عن أبي أمامة في كتاب الطهارة وسننها ، باب المحافظة على الوضوء (رقم ٢٧٧ ـ ٢٧٨) وأخرجه مالك في الموطأ ولفظه : «استقيموا ولن تحصوا ، واعملوا ، وخير أعمالكم الصلاة ، ولا يحافظ على الوضوء إلّا مؤمن». انظر : كتاب الموطأ ، كتاب جامع الوضوء (رقم ٣٣).
(٤) أخرجه ابن جرير الطبري في ج ١١ ص ٤٢٧ ، ببعض الاختلاف ، عن الحسن مرسلا.