لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً) : أى حجّة (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ) : على الاستفهام (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٨١) : أى : من عبد إلها واحدا أحقّ أن يأمن ، أو من يعبد آلهة شتّى ، ذكرانا وإناثا ، صغارا وكبارا ، كيف لا يخاف من الكبير إذ يسوّيه بالصغير؟ وكيف لا يخاف من الذكر إذ يسوّيه بالأنثى؟ أخبروني أى الفريقين أحقّ بالأمن إن كنتم تعلمون.
قال الله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا) : [أي ولم يخلطوا] (١) (إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) : أى : بشرك (أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (٨٢). قوله : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (٨٣).
وقال الحسن : (مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أى : ملك السماوات والأرض. (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ) أى : أتاه الليل (رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) أى لا أحبّ الذاهبين. وأهمّه النظر في ذلك (٢) فراعى الكوكب حتّى ذهب وغاب ، قال : وطلع القمر ، وكان ذلك في آخر الشهر. (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً) : أى طالعا (قالَ هذا رَبِّي). فراعاه حتّى غاب ، (فَلَمَّا أَفَلَ) : أى ذهب (قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) : قال : فأراد تقرّبا من معرفة الله. (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً) : أى طالعة (قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ) : أى من القمر والكوكب. قال : فراعاها حتّى غابت. (فَلَمَّا أَفَلَتْ) : أى ذهبت (قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : أى للذي خلق السماوات والأرض (حَنِيفاً) ، والحنيف المخلص (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَحاجَّهُ ، قَوْمُهُ ، قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ) أى : إلى الإسلام (وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ) يعني أصنامهم التي كانوا يعبدون (إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ). قال الحسن : وكيف أخاف ما أشركتم من هذه الأوثان المخلوقة (وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً) أى حجّة ، أى بعبادة الأوثان ، ولم يأمر بعبادتها ، ولم يأمر إلّا بعبادة نفسه ، وأنتم لا تخافون الذي يملك موتكم وحياتكم (٣). (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أى : من عبد الله أو من عبد
__________________
(١) زيادة من ز ، ورقة ٩٦.
(٢) وردت العبارة في ع مضطربة فاسدة هكذا : «وهم البصر أهل البصائر في ذلك» ، وفي د : «وهم النظر في ذلك» ، وما أثبتّه هو الصواب إن شاء الله.
(٣) كذا في ع : «موتكم وحياتكم». وفي د : «حسابكم وموتكم».