(فَقَدْ وَكَّلْنا بِها) : أى بالنبوّة (قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) (٨٩) : يعني النبيّين الذين ذكر (١).
وقال بعضهم : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ) يعني أهل مكّة (فَقَدْ وَكَّلْنا بِها) أى بالنبوّة (قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) يعني أهل المدينة.
(أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ) : يعني النبيّين الذين قصّ الله (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) : يا محمّد. (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) : أى : على القرآن (أَجْراً إِنْ هُوَ) : أى القرآن (إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ) (٩٠).
قوله : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) : أى وما عظّموا الله حقّ عظمته ، يعني المشركين (إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) : يعني المشركين في تفسير بعضهم. وقال الحسن : هم اليهود ، كانوا يقولون : هؤلاء قوم أمّيّون ، يعنون النبيّ وأصحابه ، ولبسوا عليهم فكانوا يقولون ، أى يقول بعضهم لبعض : (آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) ، أى بمحمّد (وَجْهَ النَّهارِ) أى أوّل النهار (وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٧٢) [آل عمران : ٧٢] ، أى إلى دين اليهود ، وقد فسّرناه في سورة آل عمران (٢). ثمّ قالوا : (ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) فقد كانت الأنبياء تجيء من عند الله فلم تكن تجيء بالكتاب ، فأين جاء محمّد بهذا الكتاب؟ قال الله لمحمّد عليهالسلام : (قُلْ) : لهم (مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ) : أى لمن اهتدى به (تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ) مقرأ الحسن على التاء. (تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً) : والقراطيس : الكتب التي كتبوا بأيديهم بما حرّفوا من التوراة. (وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ) : يقول : علمتم علما فلم يصر لكم علما بتضييعكم إيّاه ولا لآبائكم. (قُلِ اللهُ) : الذي أنزل الكتاب (ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) (٩١) : وهذا قبل أن يؤمر بقتال أهل الكتاب. وقال مجاهد : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) يعني مشركي العرب. (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً) وهو مقرأ مجاهد على الياء ، يعني أهل الكتاب (وَعُلِّمْتُمْ) أنتم معاشر
__________________
(١) وهذا هو القول الذي رجّحه أبو جعفر الطبري في تفسيره ، ج ١١ ص ٥١٨ إذ قال : «يعني به الأنبياء الثمانية عشر الذين سمّاهم الله تعالى ذكره في الآيات قبل هذه الآية».
(٢) انظر ما سلف ، تفسير الآية ٧٢ من سورة آل عمران.