له حيي : هل غير هذا؟ فقال نعم. قال : ما هو؟ قال : (المص (١) كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) (٢) [الأعراف : ١ ـ ٢]. فقال : هذا أكثر من الأوّل : هذا إحدى وثلاثون ومائة سنة ؛ نأخذه من حساب الجمّل (١). قال : هل غير هذا؟ قال : نعم. قال : ما هو؟ قال : (الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (١) [هود : ١]. قال حيي : هذه أكثر من الأولى والثانية. فنحن نشهد لئن كنت صادقا ما ملك أمتك إلّا إحدى وثلاثون ومائتا سنة ، فاتّق الله ولا تقل إلا حقّا. فهل غير هذا؟ قال : نعم. قال : ما هو؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) (١) [الرعد : ١]. قال حيي : فأنا أشهد أنّا من الذين لا يؤمنون بهذا القول ، لأنّ هذه الآية أكثر؟ هذه إحدى وسبعون ومائتا سنة. فلا أدري بأيّ قولك نأخذ ، وبأيّ ما أنزل عليك نتّبع. قال أبو ياسر : أمّا أنا فاشهد أنّ ما أنزل الله على أنبيائنا أنّه الحقّ ، وأنّهم قد بيّنوا على ملك هذه الأمّة ولم يوقّتوا كم يكون أكلهم حتّى كان محمّد ، فإن كان محمّد صادقا كما يقول ، إنّي لأراه سيجمع لأمّته هذا كلّه : إحدى وسبعين ، وإحدى وثلاثين ومائة ، وإحدى وثلاثين ومائتين ، وإحدى وسبعين ومائتين [فهذه] (٢) سبعمائة وأربع سنين. فقال القوم كلّهم : قد اشتبه علينا أمرك ،
__________________
(١) الجمّل ، بضمّ الجيم وتشديد الميم المفتوحة هو الحساب الخرافي المبني على الحروف المقطّعة أ ، ب ، ج ، د.
انظر اللسان : (جمل). وزعم ابن دريد أنّ الكلمة دخيلة ، وتبعه أبو منصور الجواليقي فقال : «أمّا الجمّل من الحساب فلا أحسبه عربيّا فصيحا ، وهو ما قطّع على حروف أبي جاد». انظر الجواليقي ، المعرّب ص ١٤٨.
وحساب الجمّل هذا من مناكير الإسرائيليّات التي يحرم اعتقاد صحّتها. ومن العجيب أن نرى اليوم بعض الدجّالين ممّن يدّعي العلم يحاول أن يتنبّأ ـ اعتمادا على هذه الحروف المقطّعة والأعداد الوهميّة ـ بنهاية هذه الأمّة ، أى : بقيام الساعة. وهذا كفر صراح ومصادمة وقحة لنصوص القرآن القطعيّة وللآيات البيّنات التي وردت في أمر قيام الساعة. وهذا مما استأثر الله بعلمه ، وأرشد رسوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يقول لمن يسأله عنها : (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ ، إِلَّا بَغْتَةً ...) الآية [الأعراف : ١٨٧]. فكيف يزعم زاعم ، وإن أوتي من العلم ما أوتي ، أنّه يمكن لبشر أن يعرف أكل هذه الأمّة؟ سبحانك ربّي هذا بهتان عظيم!. المحقّق.
(٢) زيادة لا بد منها للإيضاح. وفي ع : «ومائتين وسبعمائة» ، وزيادة الواو هنا خطأ ، لأنّه لم يسبق لهذا العدد الأخير ذكر ، بل هو مجموع ما سبق من الأعداد. وقاتل الله اليهود ، فما أشدّ جحودهم وكفرهم وعنادهم! وهذا حديث واه لا قيمة له ، ضعّفه كلّ رجال الحديث. انظر مثلا : الطبري ج ١ ص ٢١٦ ، وابن كثير ج ١ ص ٦٨ ، والسيوطي ، الدر المنثور ج ١ ص ٢٣.