قوله : (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) : يقول : ويقيمون الصلوات الخمس المفروضة عليهم ، يحافظون على وضوئها ومواقيتها ، وركوعها وسجودها على ما سنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم في كلّ صلاة منها.
قوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (٣) : يعني الزّكاة المفروضة على ما سنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١) في الذهب والفضّة ، والإبل والبقر والغنم ، والبرّ والشعير ، والتمر والزبيب. وفي قول الحسن وغيره من أصحابنا (٢). وما سوى ذلك فليس فيه زكاة حتى يباع ، فتكون فيه زكاة الأموال ، يزكّيه مع ماله إذا زكّى إن كان له مال. وبعض أصحابنا يجعل الذّرة مع البرّ والشعير. وقد فسّرنا ذلك في أحاديث الزكاة (٣). ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : السنّة سنّتان ، وما سوى ذلك فريضة : سنّة في فريضة ، الأخذ بها هدى وتركها ضلالة ، وسنّة في غير فريضة ، الأخذ بها فضيلة وتركها ليس بخطيئة (٤).
قوله : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) : أى والذين يصدّقون بما أنزل إليك من القرآن
__________________
(١) في مخطوطة ز : «يعني الزكاة المفروضة على سنّتها أيضا». وهذا التفصيل هو من زيادة الشيخ هود الهوّاري ولا شكّ.
(٢) إذا وردت كلمة «أصحابنا» من الشيخ الهوّاري فإنّما يقصد بها علماء الإباضيّة. وسيذكرهم بأسمائهم عند تفسير بعض آيات الأحكام خاصّة ؛ يذكر جابر بن زيد ، وأبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة ، ويزيد أحيانا : «والعامّة من فقهائنا».
(٣) في هذه العبارة إشارة واضحة إلى مؤلّف في فقه الحديث. ولنا أن نتساءل : هل هذه العبارة للشيخ هود الهوّاري ـ كما يدلّ عليه سياق الكلام ـ؟ أم أنّها لابن سلّام؟ قد لا يستطيع أحد أن يقدّم جوابا شافيا وبصفة جازمة ، ما لم يعثر على الربع الأوّل كاملا من تفسير ابن سلّام نفسه. أمّا القطع المصوّرة التي اطّلعت عليها من هذه السورة في دار الكتب المصريّة بالقاهرة فلم يرد فيها ذكر لهذا الكتاب. فإذا ثبت أنّ العبارة ليست لابن سلّام فمعنى ذلك أنّ للشيخ هود مؤلّفا في الحديث لم تشر إليه المصادر الإباضية التي بين أيدينا.
والراجح عندي أنّ الكتاب هو «الجامع» لابن سلّام ، الذي ذكره ابن الجزري في غاية النهاية ج ٢ ص ٣٧٣.
(٤) لم أجد هذا القول حديثا مرفوعا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وسيتكرّر وروده في هذا التفسير ، وأقرب ما وجدته من ذلك قول نسب إلى مكحول بلفظ : «السنّة سنّتان : سنّة أخذها هدى وتركها ضلالة ، وسنّة أخذها حسن وتركها لا بأس به». انظر السرخسي ، أصول السرخسي ج ١ ص ١٤٤ ، تحقيق أبي الوفاء الأفغاني ط. دار الكتاب العربي بمصر ، ١٣٧٢ ، وانظر ابن سلّام ، التصاريف ، ص ٧٩.