وأنا يا سيّدي عبدك الّذي أوقرت الخطايا ظهره ، وأنا الّذي أفنت الذّنوب عمره ، وأنا الّذي بجهله عصاك ولم يكن أهلا منه لذلك ، فهل أنت يا مولاي راحم من دعاك فأجتهد في الدّعاء ، أم أنت غافر لمن بكى لك فأسرع في البكاء ، أم أنت متجاوز عمّن عفّر لك وجهه متذلّلا ، أم أنت مغن من شكا إليك فقره متوكّلا.
اللهمّ فلا تخيّب من لا يجد معطيا غيرك ، ولا تخذل من لا يستغني عنك بأحد دونك.
اللهمّ لا تعرض عنّي وقد أقبلت عليك ، ولا تحرمني وقد رغبت إليك ، ولا تجبهني بالرّدّ وقد انتصبت بين يديك ، أنت الّذي وصفت نفسك بالرّحمة ، وأنت الّذي سمّيت نفسك بالعفوّ فارحمني واعف عنّي ، فقد ترى يا سيّدي فيض دموعي من خيفتك ، ووجيب قلبي من خشيتك ، وانتفاض جوارحي من هيبتك ؛ كلّ ذلك حياء منك بسوء عملي ، وخجلا منك لكثرة ذنوبي ، قد كلّ لساني عن مناجاتك ، وخمد صوتي عن الدّعاء إليك ...
وحكت هذه الفقرات مدى تضرّع الإمام عليهالسلام وتذلّله أمام الله تعالى ، وخوفه منه ، وشدّة فزعه من عقابه ، والتجاءه إليه في جميع أموره. ويستمرّ الإمام قائلا :
يا إلهي فكم من عيب سترته عليّ فلم تفضحني ، وكم من ذنب غطّيت عليه فلم تشهّر بي ، وكم من عائبة ألممت بها فلم تهتك عنّي سترها ، ولم تقلّدني مكروه شنارها ، ولم تبد عليّ محرّمات سوآتها ، فمن يلتمس معايبي من جيرتي ، وحسدة نعمتك عندي ، ثمّ لم ينهني ذلك حتّى صرت إلى أسوإ ما عهدت منّي ، فمن أجهل منّي يا سيّدي برشدك ، ومن أغفل منّي عن حظّه منك ،