ومن أبعد منّي من استصلاح نفسه حين أنفقت ما أجريت عليّ من رزقك فيما نهيتني عنه من معصيتك ، ومن أبعد غورا في الباطل ، وأشدّ إقداما على السّوء ، منّي ؛ حين أقف بين دعوتك ودعوة الشّيطان فأتّبع دعوته على غير عمى عن المعرفة به ، ولا نسيان من حفظي له ، وأنا ـ حينئذ ـ موقن أنّ منتهى دعوتك الجنّة ، ومنتهى دعوته النّار ...
ذكرت هذه الفقرات ألطاف الله تعالى وعظيم نعمه على الإمام ، بل على جميع العباد ، فقد عمّتهم رحمته ورأفته وستره ، فيما يقترفون من مساوئ الأعمال التي يدفعهم إليها عدوّهم الألدّ الشيطان. ومن بنود هذا الدعاء الشريف قوله عليهالسلام :
سبحانك فما أعجب ما أشهد به على نفسي ، وأعدّده من مكنون أمري ، وأعجب من ذلك أناتك عنّي ، وإبطاؤك عن معاجلتي ، وليس ذلك من كرمي عليك ، بل تأتّيا منك بي ، وتفضّلا منك عليّ لأن أرتدع عن خطيئتي ، ولأنّ عفوك أحبّ إليك من عقوبتي ، بل أنا يا إلهي أكثر ذنوبا ، وأقبح آثارا ، وأشنع أفعالا ، وأشدّ في الباطل تهوّرا ، وأضعف عند طاعتك تيقّظا ، وأغفل لوعيدك انتباها من أن احصي لك عيوبي ، وأقدر على تعديد ذنوبي ، وإنّما أوبّخ بهذا نفسي طمعا في رأفتك الّتي بها إصلاح أمر المذنبين ، ورجاء لعصمتك الّتي بها فكاك رقاب الخاطئين.
اللهمّ وهذه رقبتي قد أرّقتها الذّنوب فأعتقها بعفوك ، وقد أثقلتها الخطايا فخفّف عنها بمنّك.
اللهمّ إنّي لو بكيت حتّى تسقط أشفار عينيّ ، وانتحبت حتّى ينقطع