بمخالفته ، وذاق طعم عذابها بمعصيته ، وحبس بين أطباقها بجرمه وجريرته ، وهو يضجّ إليك ضجيج مؤمّل لرحمتك ، ويناديك بلسان أهل توحيدك ، ويتوسّل إليك بربوبيّتك.
يا مولاي فكيف يبقى في العذاب وهو يرجو ما سلف من حلمك ، أم كيف تؤلمه النّار وهو يأمل فضلك ورحمتك ، أم كيف يحرقه لهيبها وأنت تسمع صوته وترى مكانه ، أم كيف يشتمل عليه زفيرها وأنت تعلم ضعفه ، أم كيف يتقلقل بين أطباقها وأنت تعلم صدقه ، أم كيف تزجره زبانيتها وهو يناديك يا ربّاه ، أم كيف يرجو فضلك في عتقه منها فتتركه فيها ، هيهات ما ذلك الظّنّ بك ، ولا المعروف من فضلك ، ولا مشبه لما عاملت به الموحّدين من برّك وإحسانك ...
لقد ناجى الإمام ربّه بإيمان ويقين وتذلّل وخشوع ، واستجار به أن ينجيه من أهوال يوم القيامة ، وعذاب الآخرة.
إنّ هذه البنود المشرقة من كلمات الإمام عليهالسلام دلّلت على عظمة الإمام وأنّه سيّد المتّقين ، وإمام الموحّدين ، وأنّه الفرد الأوّل من المنقطعين إلى الله تعالى ... ويستمرّ الإمام في دعائه قائلا :
فباليقين أقطع ، لو لا ما حكمت به من تعذيب جاحديك ، وقضيت به من إخلاد معانديك ، لجعلت النّار كلّها بردا وسلاما ، وما كانت لأحد مقرّا ولا مقاما ، لكنّك تقدّست أسماؤك أقسمت أن تملأها من الكافرين ، من الجنّة والنّاس أجمعين ، وأن تخلّد فيها المعاندين. وأنت جلّ ثناؤك قلت مبتدئا ، وتطوّلت بالإنعام متكرّما ، أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ...