إلاّ بشرّ ، ويسر لا ينال إلاّ بعسر؟! ...
وهذه اللوحة من كلام الإمام عليهالسلام من ذخائر الآداب الإسلامية ، وقد حفلت بما يلي :
١ ـ الإجمال في طلب الرزق ، وأنّ ليس من الفكر التهالك على طلب الرزق ، فإنّه مكتوب للإنسان ، فليس الطالب بمرزوق ولا المجمل بمحروم.
٢ ـ صيانة النفس عن كلّ دنيّة ومنقصة ، فإنّ كرامتها أغلى وأثمن من كلّ شيء.
٣ ـ أن لا يكون الإنسان عبدا لغيره ، فقد جعله الله تعالى حرّا ، والحرية من أثمن ما يملكه الإنسان في حياته .. ومن بنود هذه الوصية قوله عليهالسلام :
وإيّاك أن توجف (١) بك مطايا الطّمع ، فتوردك مناهل الهلكة.
وإن استطعت ألاّ يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل ، فإنّك مدرك قسمك ، وآخذ سهمك ، وإنّ اليسير من الله سبحانه أعظم وأكرم من الكثير من خلقه وإن كان كلّ منه ...
عرض الإمام عليهالسلام إلى الكفّ عن الطمع الذي يورد الناس موارد الهلكة ، وعلى الإنسان أن يعتصم بالله تعالى الذي بيده جميع مجريات الأحداث ، فالتمسّك به من أثمن ما يظفر به الإنسان في حياته .. ومن مواد هذه الوصية قوله عليهالسلام :
وتلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك.
وحفظ ما في الوعاء بشدّ الوكاء. وحفظ ما في يديك أحبّ إليّ من طلب ما في يدي غيرك. ومرارة اليأس خير من الطّلب إلى النّاس. والحرفة مع العفّة خير من الغنى مع الفجور. والمرء أحفظ لسرّه. وربّ ساع فيما
__________________
(١) توجف : أي تسرع.