٥
وتتميّز المناهج التربوية التي وضع برامجها الإمام الملهم العظيم في وصاياه الخالدة لأبنائه وأعلام أصحابه بأنّها لم تستهدف ـ فقط ـ قضايا النفس وصفاتها وتجريدها من النزعات الشريرة وإقامتها على اسس سليمة من الوعي والإدراك الكامل الذي يحجبها من الالتواء في سلوكها والانحراف في مسيرتها ، وإنّما كانت شاملة لجميع مناحي حياة الإنسان والتي منها سلوكه مع أخيه الإنسان ، وأن تكون الروابط بينهما وثيقة للغاية ، فيحبّ له كما يحبّ لنفسه ، ويكره له ما يكره لنفسه ، ومن المؤكّد أنّه إذا تحقّقت هذه الظاهرة على مسرح الحياة فإنّه يتكوّن منها المجتمع السليم الذي يريده الله تعالى ، وسعى النبيّ العظيم صلىاللهعليهوآلهوسلم لإقامته وتكوينه لتكون امّته رائدة الشعوب نحو الحياة الفضلى التي يجد فيها الإنسان جميع ما يصبو إليه من العزّة والكرامة والأمن والرخاء والسلامة من الفقر والجهل وغيرها من صور التخلّف والانحطاط.
ولم يقتصر عطاء الإمام عليهالسلام الفكري على قضايا التربية وإنّما كان شاملا لجميع قضايا الكون والحياة ، فقد كانت له آراؤه الخالدة والتي هي من مناجم الأدب العربي ومن ذخائر الفكر الإسلامي ، وقد حفلت بها ـ باعتزاز ـ موسوعات التاريخ ومصادر الأدب العربي ، ونحن نقدّم إلى القرّاء نماذج منها في إطار هذا الكتاب مع التعليق والشرح الموجز لها. وبهذا نطوي الحديث عن هذا التقديم.
والله وليّ التوفيق
|
النّجف الأشرف باقر شريف القرشي ١٥ / شهر رمضان المبارك / ١٤١٩ هـ |