وبخسه ، وهو متولي كرة الأرض لأنها من جنسه ، فأحدث زحل في ألفه الذي اتحد به البرد المفرط ، واليبس والثلج المتراكم المفني ، وتكاثف البخار والدخان ، ونشأت الغيوم والضباب.
وأظلم الجو ، وصار الفعل فعل الزمهرير ، ونبعت المياه من الأرض ، وغزرت الأمطار ، وجرت الأنهار ، وغمر الطوفان الأرض على وجهها البسيط الأعلى ، وتلاطمت الأمواج ، وتدفقت إلى كل جانب ، فتقلقلت الجبال وتصدعت ، وتحللت واستتربت ، وتصدع وجه الأرض وتشقّق ، وخشن الشيء بعد الشيء ، فتمعدنت واستتربت وجهها لأنّه كان في حال انعقادها ، فعمدت العناية الإلهية ان جعلتها من جميع نواحيها صلدة متحجرة. وجعلت وجهها حجرا خشنة ، متحثمة ، متمعدنة بالأكلاس والرمل. فقبلت فعل ما يراد بها من التصدع ، والتشقق ، والتمعدن ؛ حتى اكتسى وجهها ترابا ، وصارت أودية وسهولا ، وجبالا وحزونا.
وكان ذلك سبب اقتران الكواكب جميعا في برج الحمل الذي هو أول البروج المنقلبة ، وشرف الشمس. وأول البروج وخروجها منه إلى بيوت أشرافها ، فكانت الشمس حينئذ في تسع عشرة درجة من الحمل ، والقمر في ثلاث درجات من الثور ، وصار هذان البرجان بشرف النيرين ، لكونهما في خط الاعتدال ، وكان زحل في إحدى وعشرين درجة من الميزان.
والمشتري في خمس عشرة درجة من السرطان ، وهو ، أعني السرطان ، طالع العالم بأسره ، وهو بيت القمر ، والمريخ في ثماني وعشرين درجة من الجدي ، والزهرة في سبع وعشرين درجة من الحوت ، وعطارد في خمس عشرة درجة من السنبلة التي هي العذراء. فلمّا كان ذلك كذلك ، واتحد زحل بالألف الأولة ، وحدث ما ذكرناه إلى وفاء الألف الذي أفسد ما على وجه الأرض من الأحجار.