إليها بالنفس الحسية ، فكانوا سكان السموات المنفعلة أفلاكا وأملاكا وكواكب بإقرارهم بذلك الحد العظيم فقط. وهبط القسم الثاني فكانوا عالم الكون والفساد هيولى الأجسام ونفس النمو بإصرارهم على الخطيئة وتكبرهم على الحدود ، وانكارهم للمعبود ، فصارت الصورة الحسية الفلكية هي الحواء التي احتوت على العوالم كلها ، زوجة آدم الروحاني التي أهبطت ، وغفر له الذي هو العاشر الروحاني.
وذلك ما جاء عن الشخص الفاضل صاحب الرسائل في الفصل الأول من ذكره للفرق في العصيان والهبوط ، وأن الأبالسة والشياطين المردة الذين أهبطوا إلى عالم الكون والفساد على ما ذكرناه أولا وآخرا ، وكررنا الكلام عليه فذلك هو أصل المحنة الواقعة ، والبلية الفادحة ، أصل الكثافة والشر ممن وعمّن وقع في التكبر والشك والتحير من ذواتهم في ذواتهم لا بفعل فاعل فعل بهم إذ لا أصل للشر في الإبداع.
وكما جاء عن الحكيم إذا كان الله عدلا في قضائه ، فما مصاب العالم إلّا لعلة ، فها هي هذه العلة الشاملة كما جاء عن سيدنا المؤيد أعلى الله قدسه في الدين وهذا المعني بعينه ، بقوله : الحمد لله الذي بنى على العسر واليسر الأمور ، وأجرى على الحلو والمر الدهور ، لعلة منها الإفهام اعتلت ، وفيها الأوهام ضلت ، طال فيها الكلام ، واستمر في الفحص عنها الخصام ، فما خلصت من وثاق الحيرة منها النفوس ، ولا انفكت من قناع العجز باستقصائها الرءوس ، أحمده حمد ذي عسر ، طال أمد عسره ، فما انتظر يسرا ، وعلم أن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا.
وقد قدمنا هذا الشرح وغيره ولا كان هذا الموضع موضعه ، فعللنا الكلام عليه آنفا ، وفي هذا المقدار كفاية كافية لمن كان له قلب أو ألقى السمع ، أو علم. والخلق كما قلنا يفترقون في آرائهم ومذاهبهم بأن النفوس والأجسام