وتكاثف البرودة وتزايد حتى تكون الحياة الحسية شائعة في الطبائع وببرودة (١) الحرارة ويبس الرطوبة ، وتنكظم في الجسم ويمنع فلا يوجد فيه.
فهذا هو من موتها ولا تخرج منها شيء إلّا تعود إلى طبائعها كما كانت في النطفة شائعة ، وجاورت الحياة التي هي المعدن الذي قد صارت فيه. لأن بمجاورة الحي الحياة وقابلتها الأفلاك وامدت الجسم الذي هو فيه بقوى النمو من الأغذية حتى ظهرت طبيعة خامسة من الجميع وبرزت ، وكانت الحرارة مركزها في القلب ، كذلك أنها عند الاستحالة تشيع مثل ما كانت عليه في بداية خلقها حتى تعود من السحيق إلى حسن استحقته ، وقد قيل إنّه قد يمكن أن ينفعل جسمها بما فيه من تلك النفس التي تكثفت بفعلها في جنس واحد سبعين هيكلا ، فليس عودتها في الانحلال إلّا إلى السحيق. ولا عودة إلى قناطير العذاب إلّا من السحيق.
وذلك أنها تثبت بشيء من أغذية الجنس الذي هو مستحقه للكون فيه ، ويكون نطفا ، وتتكون أشخاصا بنظر المتولي لذلك وحفظها في نشوها وابلائها في الإدراك السبعة التي هي الأمهات الأربع في المذموم من المواليد الثلاثة. وهي في السلاسل مغلولة ، وفي القيود مكبلة (٢) مسقطة مكورة ، محورة ، من ساعة خروجها من الخلق السوي إلى ما يشبهه ويماثله. مثل الزنج والعجم الأغاتم ، ثم إلى النسانيس (٣) والذيبة ، والقردة ، والغولة ، إلى ما يماثل القامة الألفية ؛ وكلما أريد به الاستحالة إلى ما هو أشر بما كان فيه ، شاع لطيفه في كثيفه وعلى ذلك أبد الآبدين. وهو يهبط كل صنف أعلى إلى ما هو أشر منه على ما رمز به صاحب رسالة الحيوان.
فتلك العوالم كلها لا بد لها من مباشرتها والكون في جملتها. وهذا هو
__________________
(١) ببرودة : ببرد في ط.
(٢) مكبلة : مكبة في ط.
(٣) النسانيس : النسائس في ط.