هو المعدن السبخ ، والحجر الوسخ. فهذه سبعة أدراك ملعونة محظورة ، فذلك كذلك.
ثم قال أيضا : فإذا قام القائم على ذكره السلام يوم القيامة بموجب شرط القيامة أن يموت الناس أجمعين ، لأن مثله يحيي ويميت. يحيي بالعلم الحياة الأبدية. وإذا وجب من خالفه القتل فقتله. فيمر إلى النار خالدا فيها. وإن ورد على النفس الناطقة ما ينافي جوهرها عما وجوده في دار الطبيعة وعالم الجسم وما يجري هذا المجرى مما يحرص عليه ذوو العقول السخيفة ، والآراء الناقصة ، من الطباع البهيمية واتباع النفوس الحسية ، صار ذلك صورة لها ، وتصير مدبرة لنفس الحس ، بتبعتها لها. فعند المفارقة ، يكون مصيرها إلى ما كان يلائمها من الملإ الأعلى ، والصورة إلى ما يجانسها من الدار الدنيا. وكلاهما عن موقع نظره ممنوع ، وعن مركزه مدفوع ، المركزين الروحاني والجسماني. فيكون محصورا مأمورا إلى أشد العذاب بالصورة الحسية المكتسبة ، مردودا لا مخلص لأحدهما من الآخر أبد الدهر ، ولا تقدر (١) أن تجاوز مركزها بما تشبثت به من كدورات الدنيا وميلها إلى شهواتها ، ومطاوعتها لنفس الحس تصير في حيز الحسية من الكثافة لا تقدر على بلوغ غايتها ، فتبقى في العذاب الشديد. فنعوذ بالله من الشقوة بعد النعمة ، ونسأله أن يجعلنا من الحافظين لحدود الله الذين بهم النجاة للأنفس في الآخرة ، ومن تعداهم فقد ظلم نفسه.
وهذا الفصل واضح البرهان بأن النفس الناطقة تصير مدبرة لنفس الحس بتبعتها لها ، فعند مفارقتها يصير بصيرها ما كان يلائمها من الملإ الأعلى الذي ذكره أنّه روحاني. هم أهل الحق الذين فارقهم ، يعرفهم بتلألؤ (٢) أنوارهم ، ويعرفونه بالحس الذي عكس إليه.
وأما الجسماني ، فهو القامة الألفية الذي كان يلائمه ، وهبط منه فهو
__________________
(١) تقدر : يقدر في ط.
(٢) بتلألؤ : بتلالي في ط.