أمر به أن يعمل وإلى أين يرجع؟ ومن قوله نضر الله وجهه : وإياك ثم إيّاك والرسوخ في قعر جهنّم ، لأن الكثيف أبدا يطلب الرسوخ إلى أسفل كما قال سبحانه : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) (١) وقال : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٢).
فاسمع أيها الأخ وانتبه عمّا نهيت عنه تكن من الفائزين ، وإيّاك من فتن هذا العالم المنكوس فإنها عن قليل تزول حيث لا تنفع الحسرة والندامة. عصمنا الله وإياك من شباك الشيطان ، ومعصية الرحمن ، وثبتنا وإيّاك على طاعة وليه إمام الزمان فإنّه حبل الله المتين ، طرفه بيد الله وطرفه بأيدينا ، فمن تمسك به نجا وبلغ إلى سدرة المنتهى ، ومن تركه هوى إلى قعر جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ، وذلك عذاب ما وراءه منابة لأنّه لا يقضي عليه الموت فيستريح ، ولا يحيا مع الأحياء فينعم ، فهو أبد الآبدين في شقاء وعذاب. (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (٣).
وقال أيضا : فإذا لم تتعلم النفس العلم بما يوجبه الحق ، وانفصلت عن دار العمل وخروج الأنفس من حد القوة إلى حد الفعل بالعلم والعمل ، بقيت خاسرة حزينة مذمومة خائفة من يوم الجزاء ، عارفة بالعقوبة ، كثر حزنها بما تخلفت ، وما كسبت بذاتها ، ولا أجر لها في الثواب إذ كانت جاهلة بالأشياء التي من أجلها تعاقب. فتأمل رحمك الله ما أنت فيه اليوم لغد ، لا تبع الباقي بالفاني ، وتزود من علوم الأئمة الطاهرين عليهمالسلام لنجاة النفس الناطقة وخلودها في الجنان أبد الآبدين ودهر الداهرين. ولا تغرّنّك الحياة الدنيا وزهرتها فإنّها زخرف غرور عن قليل تبور.
__________________
(١) سورة : ٩٥ / ٤ ، ٥.
(٢) سورة : ٢٦ / ٢٢٧.
(٣) سورة : ٢٢ / ١٠.