بأعمالكم ، قرأ يعقوب (تُرْجَعُونَ) [في](١) كل القرآن بفتح الياء والتاء على تسمية الفاعل.
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)(٢) ، لكي تعتبروا وتستدلوا ، وقيل : لكي تنتفعوا ، (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) ، قال ابن عباس وأكثر مفسّري السلف : أي ارتفع إلى السماء ، وقال ابن كيسان والفراء وجماعة من النحويين : أي أقبل على خلق السماء ، وقيل : قصد لأنه خلق الأرض أولا ثم عمد إلى خلق السماء ، (فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) : [أي] خلقهن مستويات (٣) لا فطور فيها (٤) ولا صدوع ، (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ، قرأ أبو جعفر وأبو عمرو والكسائي وقالون (وهو ، وهي) بسكون الهاء إذا كان قبل الهاء : واو أو فاء أو لام ، زاد الكسائي وقالون [(ثم هو) وقالون](٥)(أَنْ يُمِلَّ هُوَ) [البقرة : ٢١٢].
(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٠) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣١) قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢))
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ) ، أي : وقال ربك وإذ زائدة ، وقيل : معناه واذكر إذ قال ربك ، وكذلك كل ما ورد في القرآن من هذا النحو فهذا سبيله ، وإذ وإذا حرفا توقيت إلّا أن إذ للماضي وإذا للمستقبل ، وقد يوضع أحدهما موضع الآخر ، قال المبرد : إذا جاء إذ مع المستقبل كان معناه ماضيا ؛ كقوله تعالى : (وَإِذْ يَمْكُرُ) [الأنفال : ٢٠] ، يريد وإذ مكر ، وإذا جاء [إذا] مع الماضي كانت معناه مستقبلا ؛ كقوله : (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ) [النازعات : ٣٤] ، (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ) [النصر : ١] ، أي : يجيء. (لِلْمَلائِكَةِ) [والملائكة](٦) جمع ملك ، وأصله مألك من المألكة والألوكة والألوك : وهي الرسالة ، فقلبت فقيل : ملأك ، ثم حذفت الهمزة طلبا للخفة لكثرة استعماله ونقلت حركتها إلى اللام : فقيل : «ملك» وأراد به الملائكة الذين كانوا في الأرض.
وذلك أن الله تعالى خلق السماء والأرض وخلق الملائكة والجن فأسكن الملائكة السماء وأسكن الجن الأرض فعبدوا دهرا طويلا في الأرض ثم ظهر فيهم الحسد والبغي فأفسدوا [واقتتلوا](٧) ، فبعث الله إليهم جندا من الملائكة يقال لهم : الجن ، وهم خزان الجنان اشتق لهم [اسم](٨) من الجنة رأسهم إبليس وكان رئيسهم ومرشدهم وأكثرهم علما ، فهبطوا إلى الأرض فطردوا الجن إلى شعوب الجبال وجزائر البحور وسكنوا الأرض وخفّف الله عنهم العبادة وأعطى الله إبليس [ملك](٩) الأرض ، وملك السماء الدنيا وخزانة الجنة فكان يعبد الله تارة في الأرض وتارة في السماء وتارة في الجنة فدخله العجب ، وقال في نفسه : ما أعطاني الله هذا الملك إلّا لأني أكرم الملائكة عليه ، فقال الله له ولجنده : (إِنِّي
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) زيد في المطبوع «للحي».
(٣) في ـ أ ـ «سويات».
(٤) في ـ أ ـ «فيهن».
(٥) سقط من المخطوط.
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) في المطبوع و ـ ط ـ «قتلوا».
(٨) زيادة عن المخطوط.
(٩) زيادة عن المخطوط.