جاعِلٌ) [خالق](١)(فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ، أي : بدلا منكم ورافعكم إليّ فكرهوا ذلك لأنهم كانوا أهون الملائكة عبادة ، والمراد بالخليفة هاهنا آدم سمّاه خليفة لأنه خلف الجن ، أي : جاء بعدهم.
وقيل : لأنه يخلفه غيره ، والصحيح أنه خليفة الله في أرضه لإقامة أحكامه وتنفيذ قضاياه ، (قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) : بالمعاصي ، (وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) بغير حق ، أي : كما فعل بنو الجان فقاسوا الشاهد على الغائب ، وإلا فهم ما كانوا يعلمون الغيب ، (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ) ، قال الحسن : نقول سبحان الله وبحمده وهو صلاة الخلق [وصلاة البهائم وغيرهما سوى الآدميين](٢) وعليها يرزقون.
[٤٧] أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر أنا عبد الغافر بن محمد ، أنا محمد بن عيسى أنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، أنا مسلم بن الحجاج أنا زهير بن حرب أنا حبّان (١) بن هلال ، أنا وهيب أنا سعيد الجريري عن أبي عبد الله الجسري عن ابن الصامت عن أبي ذر أن (٢) رسول الله صلىاللهعليهوسلم سئل : أيّ الكلام أفضل؟ قال : «ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده سبحان الله وبحمده».
وقيل : نحن نصلّي بأمرك ، قال ابن عباس : كل ما في القرآن من التسبيح فالمراد منه الصلاة ، (وَنُقَدِّسُ لَكَ) ، أي : نثني عليك بالقدس والطهارة [عما لا يليق بعظمتك وجلالك](٣) ، وقيل : ونطهر أنفسنا لطاعتك ، وقيل : وننزهك ، واللام : صلة ، وقيل : لم يكن هذا من الملائكة على طريق الاعتراض والعجب بالعمل بل على سبيل التعجّب وطلب [وجه](٤) الحكمة فيه ، (قالَ) الله : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) : من المصلحة فيه ، وقيل : إني أعلم أن في ذريته من يطيعني ويعبدني من الأنبياء والأولياء والصلحاء ، وقيل : إني (٥) أعلم أن فيكم من يعصيني وهو إبليس ، وقيل : إني أعلم أنهم يذنبون وأنا أغفر لهم ، قرأ أهل الحجاز والبصرة : (إِنِّي أَعْلَمُ) بفتح الياء وكذلك كل ياء إضافة استقبلها ألف مفتوحة إلّا في مواضع معدودة ، ويفتحون في بعض مواضع عند الألف المضمومة والمكسورة ، وعند غير الألف ، وبين القراء في تفصيله اختلاف.
قوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) : سمّي آدم لأنه خلق من أديم الأرض ، وقيل : لأنه كان آدم اللون ، وكنيته أبو محمد وأبو البشر ، فلما خلقه الله عزوجل علّمه أسماء الأشياء [كلها](٦).
وذلك أن الملائكة قالوا لما قال الله تعالى : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق خلقا أكرم عليه منّا وإن كان غيرنا أكرم عليه فنحن أعلم منه لأنا خلقنا قبله ورأينا ما لم يره ،
__________________
[٤٧] ـ إسناده صحيح على شرط مسلم. وهيب هو ابن خالد الباهلي ، وسعيد هو ابن إياس الجريري ـ بضم الجيم ـ وأبو عبد الله هو حميري بن بشير مشهور بكنيته.
أخرجه المصنف من طريق مسلم ، وهو في «صحيحه» (٢٧٣١) ح ٨٤ عن زهير بن حرب بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم ٢٧٣١ ح ٨٥ والترمذي ٣٥٨٧ وأحمد ٥ / ١٤٨ و ١٧٦ من طرق عن سعيد الجريري بهذا الإسناد.
(١) وقع في الأصل «جينان» والتصويب من كتب «تراجم الرجال».
(٢) في الأصل «عن» والتصويب عن «شرح السنة» و «صحيح مسلم».
__________________
(١) زيادة عن المخطوط و ـ ط ـ.
(٢) زيد في المطبوع.
(٣) سقط من المخطوط.
(٤) سقط من المطبوع.
(٥) في المطبوع «إن».
(٦) زيادة عن المخطوط.