(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) : جحدوا (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) بالقرآن (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ) : [يوم القيامة ، (هُمْ فِيها خالِدُونَ) : لا يخرجون منها ولا يموتون فيها.
قوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) يا أولاد يعقوب ، ومعنى إسرا (١) : عبد (٢) ، وإيل : هو الله تعالى. وقيل : صفوة الله ، وقرأ أبو جعفر : (إسرائيل) بغير همزة ، (اذْكُرُوا) : احفظوا ، والذكر يكون بالقلب ويكون باللسان ، وقيل : أراد به الشكر ، وذكر بلفظ الذكر ، لأن في الشكر ذكرا وفي الكفر (٣) نسيانا ، قال الحسن : ذكر النعمة شكرها ، (نِعْمَتِيَ) ، أي : نعمي ، لفظها واحد ومعناها جمع ؛ كقوله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها) [إبراهيم : ٣٤] ، (الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) ، أي : على أجدادكم وأسلافكم.
قال قتادة : هي النعم التي خصّت بها بنو إسرائيل : فلق البحر ، وإنجاؤهم من فرعون بإغراقه ، وتظليل الغمام عليهم في التيه ، وإنزال المنّ والسلوى ، وإنزال التوراة ، في نعم كثيرة لا تحصى.
وقال غيره : هي جميع النعم التي لله عزوجل على عباده ، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) [أي] : بامتثال أمري (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) : بالقبول والثواب ، قال قتادة ومجاهد : أراد بهذا العهد ما ذكر في سورة المائدة [في قوله](٤) : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) [المائدة : ١٢] إلى أن قال : (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) [المائدة : ١٢] ، فهذا قوله : (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) ، وقال الحسن : هو قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) [البقرة : ٦٣] ، فهو (٥) شريعة التوراة ، وقال مقاتل : هو قوله [تعالى] : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) [البقرة : ٨٣].
وقال الكلبي : عهد الله إلى بني إسرائيل على لسان موسى [عليه الصّلاة والسّلام] : إني باعث من بني إسماعيل نبيا أمّيّا من تبعه وصدق بالنور الذي يأتي معه (٦) غفرت له ذنوبه (٧) وأدخلته الجنة ، وجعلت له أجرين اثنين ، وهو قوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) [آل عمران : ١٨٧] ، يعني : أمر محمد صلىاللهعليهوسلم. (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) : فخافوني في نقض العهد ، وأثبت يعقوب الياءات المحذوفة في الخط مثل (فارهبون ، فاتقون ، واخشون) ، والآخرون يحذفونها في (٨) الخط.
(وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ) يعني القرآن ، (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) ، أي : موافقا لما معكم من (٩) التوراة في التوحيد والنبوّة والأخبار ونعت النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه من علماء اليهود ورؤسائهم ، (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) ، أي : بالقرآن ، يريد من أهل الكتاب ، لأن قريشا كفرت قبل اليهود بمكّة ، معناه : ولا تكونوا أول من كفر بالقرآن فتتابعكم اليهود على ذلك فتبوءوا بآثامكم وآثامهم [لأنكم أصل إضلالهم](١٠) ، (وَلا تَشْتَرُوا) ، أي : ولا تستبدلوا (بِآياتِي) : ببيان صفة محمد صلىاللهعليهوسلم ، (ثَمَناً قَلِيلاً) ، أي : عوضا يسيرا من الدنيا ، وذلك أن رؤساء اليهود وعلماءهم كانت لهم مآكل (١١) يصيبونها
__________________
(١) زيد في المطبوع «إيل».
(٢) زيد في المطبوع «الله».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) سقط من المطبوع.
(٥) في المخطوط «فهذه».
(٦) في المطبوع «به».
(٧) في المطبوع «ذنبه».
(٨) في نسخ المطبوع «على».
(٩) في المخطوط «يعني» بدل «من».
(١٠) زيادة عن المخطوط.
(١١) في المطبوع «مأكلة».