لا يذبحون (١) فيها وولد موسى في السنة التي يذبحون فيها ، (وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) ، قيل : البلاء : المحنة ، أي : في سومهم إياكم سوء العذاب محنة عظيمة ، وقيل : البلاء : النعمة ، أي : في إنجائي إياكم منهم نعمة عظيمة ، فالبلاء يكون بمعنى النعمة وبمعنى الشدة ، فالله تعالى قد يختبر على النعمة بالشكر ، وعلى الشدة بالصبر ، قال الله تعالى : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) [الأنبياء : ٣٥].
(وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠))
(وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ) ، قيل : معناه فرقنا لكم [البحر](٢) ، وقيل : فرقنا البحر بدخولكم إياه ، وسمّي البحر بحرا لاتّساعه ، ومنه قيل للفرس : بحر إذا اتّسع في جريه.
وذلك أنه لمّا دنا هلاك فرعون أمر الله تعالى موسى عليهالسلام أن يسير ببني إسرائيل من مصر ليلا فأمر موسى قومه أن يسرجوا (٣) في بيوتهم إلى الصبح ، وأخرج الله تعالى كل ولد زنا في القبط من بني إسرائيل إليهم وكل ولد زنا في بني إسرائيل من القبط إلى القبط ، حتى رجع كل إلى أبيه ، وألقى الله الموت على القبط فمات كل بكر لهم فاشتغلوا بدفنهم حتى أصبحوا ، حتى طلعت الشمس وخرج موسى عليهالسلام في ستمائة ألف وعشرين ألف مقاتل لا يعدّون ابن العشرين لصغره ولا ابن الستين لكبره ، وكانوا يوم دخلوا مصر مع يعقوب اثنين وسبعين إنسانا ما بين رجل وامرأة ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان أصحاب موسى ستمائة ألف وسبعين ألفا.
وعن عمرو بن ميمون قال : كانوا ستمائة ألف ، فلما أرادوا السير ضرب عليهم التيه فلم يدروا أين يذهبون ، فدعا موسى مشيخة بني إسرائيل وسألهم عن ذلك ، فقالوا : إن يوسف عليهالسلام لما حضره الموت أخذ على إخوته عهدا أن لا يخرجوا من مصر حتى يخرجوه معهم فلذلك انسدّ علينا الطريق ، فسألهم عن موضع قبره فلم يعلموا فقام موسى ينادي أنشد الله كلّ من يعلم أين موضع قبر يوسف عليهالسلام إلّا أخبرني به ، ومن لم يعلم [به](٤) فصمت أذناه عن سماع قولي ، وكان يمر بين الرجلين ينادي [فلا](٥) يسمعان صوته ، حتى سمعته عجوز لهم فقالت : أرأيتك إن دللتك على قبره أتعطيني كل ما سألتك؟ فأبى عليها وقال حتى أسأل ربي ، فأمره الله تعالى بإيتائها سؤالها ، فقالت : إني عجوز كبيرة لا أستطيع المشي فاحملني وأخرجني من مصر ، هذا في الدنيا ، وأمّا في الآخرة فأسألك أن لا تنزل [غرفة من](٦) الجنّة إلّا نزلتها معك ، قال : نعم ، قالت : إنه في جوف الماء في النيل ، فادع الله تعالى حتى [يحسر عنه](٧) الماء ، فدعا الله تعالى فحسر عنه الماء ، ودعا الله (٨) أن يؤخر طلوع الفجر إلى أن يفرغ من أمر يوسف عليهالسلام ، فحفر موسى عليهالسلام ذلك الموضع واستخرجه في (٩) صندوق من مرمر وحمله حتى دفنه بالشام ، ففتح لهم الطريق فساروا وموسى عليهالسلام على ساقتهم (١٠) وهارون على مقدمتهم ،
__________________
(١) أي أمرهم أن يضيئوا السراج.
(٢) ساقة الجيش : مؤخّره.
__________________
(١) في المخطوط «يذبح».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) سقط في المخطوط.
(٤) في المطبوع «ولا».
(٥) كذا في نسخ المطبوع ، وفي المخطوط «منزلا في».
(٦) في المطبوع «ينحسر».
(٧) زيادة عن المخطوط.
(٨) في المخطوط «من».