[وخرج ميكائيل من البحر](١) وهمّ أولهم بالخروج ، فأمر الله تعالى البحر أن يأخذهم فالتطم [عليهم](٢) وأغرقهم أجمعين ، وكان بين طرفي البحر أربعة فراسخ وهو [بحر القلزم طرف من بحر فارس](٣) ، قال قتادة : [هو] بحر من وراء مصر يقال : إساف ، وذلك بمرأى من بني إسرائيل ، فذلك قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) إلى مصارعهم ، وقيل : إلى إهلاكهم.
(وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (٥١) ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٢) وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤))
(وَإِذْ واعَدْنا) ، هذا (٤) من المفاعلة التي تكون من الواحد كقولهم : عافاك الله وعاقبت اللص وطارقت النعل ، وقال الزجاج : كان من الله الأمر ومن موسى القبول ، فلذلك ذكر بلفظ المواعدة ، وقرأ أبو عمرو وأهل البصرة «وإذ وعدنا» من الوعد ، (مُوسى) : اسم عبري عرّب وهو بالعبرانية [موشي ومو الماء وشا الشجر](٥) ، سمّي به لأنه أخذ من بين الماء والشجر ، ثم قلبت الشين المعجمة سينا في العربية ، (أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) ، أي : انقضاءها ثلاثون من ذي القعدة وعشر من ذي الحجة وقرن [التاريخ](٦) بالليل دون النهار لأن شهور العرب وضعت على سير القمر ، [والهلال إنما يهل بالليل](٧).
وقيل : لأن الظلمة أقدم من الضوء ، وخلق الليل قبل النهار ، قال الله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) [يس : ٣٧] ، وذلك أن بني إسرائيل لما أمنوا من عدوّهم ودخلوا مصر لم يكن لهم كتاب ولا شريعة ينتهون إليهما (٨) ، فوعد الله موسى أن ينزل عليهم التوراة ، فقال موسى لقومه : إني ذاهب لميقات ربي (٩) آتيكم بكتاب فيه بيان ما تأتون وما تذرون ، وواعدهم أربعين ليلة ، ثلاثين من ذي القعدة وعشر من ذي الحجة ، واستخلف عليهم أخاه هارون ، فلما أتى الوعد جاء جبريل على فرس ، يقال له : فرس الحياة لا يصيب شيئا إلا حيي ليذهب بموسى إلى ربّه ، فلما رآه السامري وكان رجلا صائغا من أهل باجرمي واسمه ميخا (١٠) ، وقال سعيد بن جبير (١١) : كان من أهل كرمان ، وقال ابن عباس : اسمه موسى بن ظفر.
وقال قتادة : كان من بني إسرائيل من قبيلة يقال لها سامرة ، ورأى موضع قدم الفرس تخضرّ من ذلك ، وكان منافقا أظهر الإسلام ، وكان من قوم يعبدون البقر ، فلما رأى جبريل على ذلك الفرس ، [فقال : إن لهذا لشأنا وأخذ قبضة](١٢) من تربة حافر فرس جبريل عليهالسلام ، قال عكرمة : ألقي في
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيد في المطبوع.
(٣) في المطبوع [على طرف بحر من بحر فارس].
(٤) في المطبوع «هو».
(٥) ما بين المعقوفتين في المطبوع «الماء والشجر».
(٦) سقط من المطبوع.
(٧) سقط من المخطوط.
(٨) كذا في نسخ المطبوع ، وفي المخطوط «ينتمون إليها».
(٩) في المطبوع «ربكم».
(١٠) في المخطوط «ميحا» وفي «الدر» (٤ / ٥٤٥) «ما جرما» بدل «باجرما».
(١١) في المخطوط «المسيب» وهو خطأ.
(١٢) العبارة في المطبوع «علم أن لهذا شأنا فأخذ قبضة».