قالوا : فكان هذا المنّ [يقع] كل ليلة (١) على أشجارهم مثل الثلج لكل إنسان منهم صاع ، فقالوا : يا موسى قتلنا هذا المنّ بحلاوته ، فادع لنا ربك أن يطعمنا اللحم ، فأنزل الله تعالى عليهم السلوى وهو طائر يشبه السماني ، وقيل : هو السماني بعينه ، بعث الله سحابة فأمطرت السماني في عرض ميل [من الأرض](٢) وطول رمح في السماء بعضه على بعض (٣) ، فكان الله ينزل عليهم المنّ والسلوى كل صباح من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فيأخذ كل واحد منهم ما يكفيه يوما وليلة ، وإذا كان يوم الجمعة أخذ كل واحد منهم ما يكفيه ليومين ، لأنه لم يكن ينزل يوم السبت. (كُلُوا) ، أي : وقلنا لهم كلوا : (مِنْ طَيِّباتِ) : [من](٤) حلالات ، (ما رَزَقْناكُمْ) ، ولا تدخروا لغد ، ففعلوا فقطع الله ذلك عنهم ، ودوّد وفسد ما ادّخروا ، فقال الله تعالى : (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ، أي : وما بخسوا بحقنا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون باستيجابهم عذابي ، وقطع مادة الرزق الذي كان ينزل عليهم بلا مئونة في الدنيا ولا حساب في العقبى.
[٥٥] أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان أنا أحمد بن يوسف السّلمي ، أنا عبد الرزاق أنا معمر عن همام بن منبه أنا أبو هريرة قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو لا بنو إسرائيل لم يخبث الطعام ولم يخنز (١) اللحم ، ولو لا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر».
(وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩) وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٦٠))
قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ) ، سمّيت القرية قرية لأنها تجمع أهلها ، ومنه المقراة للحوض لأنها تجمع الماء ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : هي أريحا وهي قرية الجبارين كان فيها قوم
__________________
[٥٥] ـ إسناده صحيح. أحمد بن يوسف أبو الحسن ، من رجال مسلم ، وقد توبع ومن دونه ومن فوقه رجال البخاري ومسلم ، معمر هو ابن راشد.
وهو في «شرح السنة» (٢٣٢٨) بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم ١٤٧٠ ح ٦٣ من طريق أحمد بن يوسف به.
ـ وأخرجه البخاري ٣٣٩٩ وأحمد ٢ / ٣١٥ وابن حبان ٤١٦٩ من طريق عبد الرزاق بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٣٣٣٠ من طريق عبد الله عن معمر به ، ومسلم ١٤٧٠ من طريق أبي يونس مولى أبي هريرة عن أبي هريرة به.
وأخرجه أحمد ٢ / ٣٠٤ من طريق خلاس بن عمرو الهجري عن أبي هريرة به.
(١) خنز اللحم : إذا أنتن وتغير ريحه.
__________________
(١) لفظ «يقع» في المطبوع هاهنا.
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) زيد في المطبوع هاهنا «وقال المؤرج : السلوى والعسل».
(٤) زيادة عن المخطوط.