وطلبوها فلم يجدوا (١) بكمال وصفها إلا مع الفتى فاشتروها بملء مسكها ذهبا ، (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) : من غلاء ثمنها ، وقال محمد بن كعب : وما كادوا يجدونها باجتماع أوصافها ، وقيل : وما كادوا يفعلون من شدّة اضطرابهم واختلافهم فيها.
(وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢) فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٧٤))
قوله عزوجل : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً) : هذا أول القصة ، وإن كان (٢) مؤخّرا في التلاوة ، واسم القتيل عاميل ، (فَادَّارَأْتُمْ فِيها) ، أصله تدارأتم ، فأدغمت التاء في الدال وأدخلت الألف مثل قوله : (اثَّاقَلْتُمْ) [التوبة : ٣٨] ، قال ابن عباس ومجاهد : معناه فاختلفتم ، وقال الربيع بن أنس : تدافعتم ، أي : يحيل بعضكم على بعض ، من الدرء : وهو الدفع ، فكان كل واحد يدفع عن نفسه ، (وَاللهُ مُخْرِجٌ) ، أي : مظهر : (ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) ، فإن القاتل كان يكتم القتل.
قوله عزوجل : (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ) ، يعني : القتيل ، (بِبَعْضِها) ، أي : ببعض البقرة ، واختلفوا في ذلك البعض ، فقال ابن عباس رضي الله عنه وأكثر المفسّرين : ضربوه بالعظم الذي يلي الغضروف وهو المقتل ، وقال مجاهد وسعيد بن جبير : بعجب الذنب لأنه أول ما يخلق وآخر ما يبلى ، ويركّب عليه الخلق [ثانيا وهو البعث](٣) ، وقال الضحاك : بلسانها ، قال (٤) الحسين بن الفضل : [هذا أدلّ بها](٥) لأنه آلة الكلام ، وقال الكلبي وعكرمة : بفخذها الأيمن ، وقيل : بعضو منها لا بعينه ، ففعلوا ذلك فقام القتيل (٦) حيا بإذن الله تعالى وأوداجه ـ أي : عروق العنق ـ تشخب دما ، وقال : قتلني فلان ثم سقط ومات مكانه فحرم قاتله الميراث ، وفي الخبر : «ما ورث قاتل بعد صاحب البقرة» (١) ، وفيه إضمار تقديره فضرب فحيي (٧) ، (كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى) : كما أحيا عاميل ، (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ، قيل : تمنعون أنفسكم من المعاصي ، أما حكم هذه المسألة إذا وجد في [الإسلام] قتيل في موضع ولا يعرف قاتله ، فإن كان ثمّ لوث على إنسان ، واللوث : أن يغلب على القلب صدق المدعي بأن اجتمع جماعة في بيت أو صحراء فتفرّقوا عن قتيل يغلب على القلب أن القاتل فيهم (٨) ، أو وجد قتيل في محلة أو قرية كلهم أعداء للقتيل (٩) لا يخالطهم غيرهم فيغلب على القلب أنهم قتلوه ، فادّعى الولي على بعضهم ، يحلف المدعي خمسين يمينا على من يدّعي عليه ، وإن كان الأولياء جماعة توزّع الأيمان عليهم ، ثم بعد ما حلفوا أخذوا
__________________
(١) لا أصل له في المرفوع.
__________________
(١) في المخطوط «يجدوها».
(٢) في المخطوط «كانت مؤخرة».
(٣) زيد في المطبوع وحده.
(٤) في المخطوط «فقال».
(٥) زيد في نسخ المطبوع.
(٦) في المخطوط «المقتول».
(٧) في المطبوع «فضربت فحيي».
(٨) في المخطوط «منهم».
(٩) في المخطوط «القتيل».