الدية من عاقلة المدعى عليه إن ادّعوا قتل خطأ [أو شبه عمد](١) ، وإن ادّعوا قتل عمد فمن ماله ، ولا قود على قول الأكثرين ، وذهب بعضهم إلى وجوب القود وهو قول عمر بن عبد العزيز ، وبه قال مالك وأحمد ، وإن لم يكن على المدّعى عليه لوث ، فالقول قول المدعى عليه مع يمينه ، ثم هل يحلف يمينا واحدة أم خمسين يمينا فيه قولان : أحدهما يمينا واحدة كما في سائر الدعاوى ، والثاني يحلف خمسين يمينا تغليظا لأمر الدم ، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه لا حكم للوث ، ولا يبدأ (٢) بيمين المدعي ، وقال : «إذا وجد قتيل (٣) في محلة يختار الإمام خمسين رجلا من صلحاء أهلها فيحلّفهم أنهم ما قتلوه ولا عرفوا له قاتلا ، ثم يأخذ الدية من سكّانها ، والدليل على أن البداية (٤) بيمين المدعي عند وجود اللوث ما :
[٥٩] أخبرنا به عبد الوهّاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، أنا الربيع أنا الشافعي أنا عبد الوهّاب بن عبد المجيد الثقفي ، عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة :
أن عبد الله بن سهل ومحيّصة بن مسعود : خرجا إلى خيبر فتفرّقا لحاجتهما ، فقتل عبد الله بن سهل ، فانطلق هو وعبد الرحمن أخو المقتول وحويصة بن مسعود إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكروا له قتل عبد الله بن سهل ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم» ، فقالوا : يا رسول الله لم نشهد ولم نحضر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فتبرئكم يهود بخمسين يمينا» ، فقالوا : يا رسول الله فكيف نقبل أيمان قوم كفار؟ فعزم النبيّ صلىاللهعليهوسلم عقله من عنده. [وفي لفظ آخر : فزعم أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم عقله من عنده](٥). قال بشير بن يسار : قال سهل : لقد ركضتني فريضة (١) من تلك الفرائض في مربد (٢) لنا ؛ وفي رواية : لقد ركضتني ناقة حمراء من تلك الفرائض في مربد لنا [أخرجه مسلم عن محمد بن المثنى عن عبد الوهّاب](٦).
وجه الدليل من الخبر : أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم بدأ بأيمان المدعين ليقوى (٧) جانبهم باللّوث ، وهو أن عبد الله بن سهل وجد قتيلا في خيبر ، وكانت العداوة ظاهرة بين الأنصار وأهل خيبر ، فكان يغلب على
__________________
[٥٩] ـ إسناده صحيح. الشافعي هو محمد بن إدريس ، ثقة إمام ، قد توبع ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
وهو في «شرح السنة» (٢٥٣٩) بهذا الإسناد.
ـ رواه المصنف من طريق الشافعي ، وهو في «مسنده» (٢ / ١١٣ ـ ١١٤) عن عبد الوهاب بن عبد المجيد بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري ٢٧٠٢ و ٣١٧٣ و ٦١٤٢ و ٦١٤٣ ومسلم ١٦٦٩ وأبو داود ٤٥٢٠ و ٤٢٣ والترمذي ١٤٢٢ والنسائي ٨ / ٨ ـ ١٢ وعبد الرزاق ٨٢٥٩ والحميدي ٤٠٣ وابن أبي شيبة ٩ / ٣٨٣ وأحمد ٤ / ٢ و ١٤٢ والدارقطني ٣ / ١٠٨ ـ ١١٠ والطحاوي ٣ / ١٩٨ والطبراني ٥٦٢٥ و ٥٦٢٩ وابن حبان ٦٠٠٩ والبيهقي ٨ / ١١٨ ـ ١٢٠ من طرق عن سهل بن أبي حثمة به.
(١) الفريضة : ما فرض في السائمة من الصدقة وقيل : الناقة الهرمة.
(٢) المربد : هو الموضع التي تحبس فيه الإبل ، وهو مثل الحظيرة للغنم.
__________________
(١) زيد عن المطبوع وحده.
(٢) في ـ ط ـ «ولا يزيد».
(٣) في المخطوط «المقتول».
(٤) في المخطوط «البداة».
(٥) زيد في المطبوع.
(٦) زيد عن المخطوط و ـ ط ـ.
(٧) في المطبوع «لتقوى».