سبط الشعر ، فإذا سألهم سفلتهم عن صفته قرءوا ما كتبوا فيجدونه مخالفا لصفته فيكذّبونه [وينكرونه](١) ، قال الله تعالى : (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ) ، يعني : [ما] كتبوا (٢) بأنفسهم اختراعا من تغيير نعته صلىاللهعليهوسلم ، (وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) : من المآكل ، ويقال : من المعاصي.
(وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٨٠) بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨١))
(وَقالُوا) ، يعني : اليهود (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ) : لن تصيبنا النار ، (إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) : قدرا مقدّرا ثم يزول عنّا العذاب [ويعقبه النعيم](٣) ، واختلفوا في هذه الأيام ، فقال ابن عباس ومجاهد : كانت اليهود يقولون مدة (٤) الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما نعذّب بكل ألف سنة يوما واحدا ثم ينقطع العذاب بعد سبعة أيام ، وقال قتادة وعطاء : يعنون أربعين يوما التي عبد فيها آباؤهم العجل ، وقال الحسن وأبو العالية : قالت اليهود : إن ربنا عتب علينا في أمرنا فأقسم الله ليعذّبنا أربعين يوما فلن تمسنا النار إلا أربعين يوما تحلّة القسم ، فقال الله عزوجل تكذيبا لهم ، (قُلْ) : يا محمد (أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ) ، ألف استفهام دخلت على ألف الوصل ، (عَهْداً) موثقا أن لا يعذبكم إلّا هذه المدة ، (فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ) ، وعده ، وقال ابن مسعود : عهدا بالتوحيد ، يدلّ عليه قوله تعالى : (إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) [مريم : ٨٧] ، يعني : قول (٥) لا إله إلّا الله ، (أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)؟ ثم قال :
(بَلى) ، وبلى وبل : حرفا استدراك ، ومعناهما نفي الخبر الماضي وإثبات الخبر المستقبل. (مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً) ، يعني : الشرك (وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) ، قرأ أهل المدينة «خطيئاته» بالجمع ، والإحاطة : الإحداق بالشيء من جميع نواحيه ، قال ابن عباس وعطاء والضحاك وأبو العالية والربيع وجماعة : هو (٦) الشرك يموت عليه ، وقيل : السيّئة الكبيرة والإحاطة به أن يصرّ عليها فيموت غير تائب ، قاله عكرمة والربيع بن خيثم.
[قال الواحدي رحمهالله في تفسيره «الوسيط» : المؤمنون لا يدخلون في حكم هذه الآية لأن الله تعالى أوعد بالخلود في النار من أحاطت به خطيئته ، وتقدمت منه سيّئة وهي الشرك ، والمؤمن وإن عمل الكبائر لم يوجد منه الشرك](٧). وقال مجاهد : هي الذنوب تحيط بالقلب كلما عمل ذنبا ارتفعت حتى تغشى (٨) القلب ، وهي الرين ، قال الكلبي : أوبقته ذنوبه ، دليله قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) [يوسف : ٦٦] ، أي : تهلكوا ، (فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨٢) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) في المطبوع «كتبوه» دون ـ ما ـ.
(٣) زيادة عن المخطوط ، و ـ ط.
(٤) في المخطوط و ـ ط ـ «هذه» بدل «مدة» والمثبت عن المطبوع والطبري (١٤١٢ و ١٤١٣)
(٥) في المطبوع «قوله».
(٦) في المطبوع «هي».
(٧) ما بين المعقوفتين ليس في المخطوط ، و ـ ط ـ.
(٨) في المخطوط «يقسى» وفي نسخة «يقسو» والمثبت عن المطبوع و «الدر المنثور» (١ / ١٦٤)