فمن أماته فقد قبضه ومن مدّ له في عمره فقد بسط له ، وقيل : هذا في القلوب لما أمرهم الله تعالى بالصدقة أخبر أنهم لا يمكنهم ذلك إلا بتوفيقه ، قال : يقبض بعض القلوب فلا ينشط بالخير ويبسط بعضها فيقدم لنفسه خيرا.
ع [٢٨٦] كما جاء في الحديث : «القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها الله كيف يشاء» الحديث.
(وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ، أي إلى الله تعودون فيجزيكم بأعمالكم ، وقال قتادة : الهاء راجعة إلى التراب ، كناية عن (١) غير مذكور ، أي (٢) : من التراب خلقهم وإليه يعودون.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلاَّ تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلاَّ نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٢٤٦))
. قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) ، والملأ من القوم : وجوههم وأشرافهم ، وأصل الملأ : الجماعة من الناس ، ولا واحد له من لفظه ، كالقوم والرهط والإبل والخيل والجيش ، وجمعه أملاء ، (مِنْ بَعْدِ مُوسى) ، أي : من بعد موت موسى ، (إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ) ، واختلفوا في ذلك النبيّ ، فقال قتادة : هو يوشع بن نون بن أفرائيم بن يوسف عليهالسلام ، وقال السدي : اسمه شمعون ، وإنما سمّي شمعون لأن أمه دعت الله أن يرزقها غلاما فاستجاب الله دعاءها فولدت غلاما فسمّته شمعون ، تقول : سمع الله تعالى دعائي ، والسين تصير شينا بالعبرانية ، وهو شمعون بن صفية بنت علقمة من ولد لاوى بن يعقوب ، وقال سائر المفسّرين : هو إشمويل وهو بالعبرانية إسماعيل بن يال بن علقمة ، وقال مقاتل : هو من نسل هارون ، وقال مجاهد : هو أشمويل ، وهو بالعبرانية إسماعيل بن هلقايا ، وقال وهب وابن إسحاق والكلبي وغيرهم : كان سبب مسألتهم إياه ذلك أنه لمّا مات موسى عليهالسلام خلف بعده في بني إسرائيل يوشع بن نون يقيم فيهم التوراة وأمر الله تعالى حتى قبضه الله تعالى ، ثم خلف فيهم كالب بن يوقنا كذلك حتى قبضه الله تعالى ، ثم خلف حزقيل حتى قبضه الله ، ثم عظمت الأحداث في
__________________
ع [٢٨٦] ـ صحيح. أخرجه مسلم ٢٦٥٤ وأحمد (٢ / ١٦٨ و ١٧٣) والآجري في «الشريعة» (٧٤١) وابن أبي عاصم في «السنة» ٢٢٢ وابن حبان ٩٠٢ والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص ١٤٧) من طريق أبي هانئ الخولاني أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : «سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد ، يصرفه حيث شاء. ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اللهم مصرف القلوب! صرف قلوبنا على طاعتك» هذا لفظ مسلم.
ـ وفي الباب من حديث أنس أخرجه ابن ماجه ٣٨٣٤ من طريق يزيد الرقاشي ويزيد هذا ضعيف.
وأخرجه ابن أبي عاصم ٢٢٥ والآجري (ص ٣١٧) من طريق الأعمش عن سفيان عن أنس به وإسناده صحيح.
ـ ومن حديث أم سلمة عند الترمذي ٣٥٢٢ وأحمد (٦ / ٣٠٢ و ٣١٥) والآجري في «الشريعة» (٧٤٤) بترقيمي ، وابن أبي عاصم في «السنة» ٢٢٣ وقال الترمذي : حديث حسن.
ـ ومن حديث عائشة عند الآجري (٧٤٧) وأحمد (٦ / ٩١) وابن أبي عاصم (٢٢٤ و ٢٣٣).
وانظر الحديث الآتي برقم : ٣٦٣.
__________________
(١) في المطبوع «من».
(٢) لفظ «أي» وما قبله من كلام البغوي لا من كلام قتادة ، وكلام قتادة أوله «من ...».