رضي الله عنهما قال (١) : أراد بالكرسي علمه (١) ، وهو قول مجاهد ، ومنه قيل لصحيفة العلم : كراسة ، وقيل : كرسيه ملكه وسلطانه ، والعرب تسمّي الملك القديم : كرسيا. (وَلا يَؤُدُهُ) ، أي : لا يثقله ولا يشقّ عليه ، يقال : آدني الشيء أي أثقلني ، (حِفْظُهُما) ، أي : حفظ السموات والأرض ، (وَهُوَ الْعَلِيُ) : الرفيع فوق خلقه ، والمتعالي عن الأشياء والأنداد ، وقيل : العلي بالملك والسلطنة ، (الْعَظِيمُ) : الكبير الذي لا شيء أعظم منه.
(لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لا انْفِصامَ لَها وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٥٦))
قوله تعالى : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ).
ع [٢٩٧] قال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما : كانت المرأة من الأنصار تكون مقلاة ـ والمقلاة من النساء التي لا يعيش لها ولد ، وكانت تنذر لئن عاش لها ولد لتهوّدنّه إن (٢) عاش ولدها جعلته في اليهود ، فجاء الإسلام وفيهم منهم ، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم عدد من أولاد الأنصار فأرادت الأنصار استردادهم ، وقالوا : هم أبناؤنا وإخواننا ، فنزلت هذه الآية : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قد خيّر أصحابكم فإن اختاروكم فهم منكم وإن اختاروهم [فهم منهم ، قال :](٣) فأجلوهم معهم».
ع [٢٩٨] وقال مجاهد : كان ناس مسترضعين في اليهود من الأوس فلما أمر النبيّ صلىاللهعليهوسلم بإجلاء بني النضير ، قال الذين كانوا مسترضعين فيهم : لنذهبنّ معهم ولندينن بدينهم ، فمنعهم أهلوهم ، فنزلت (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ).
ع [٢٩٩] وقال مسروق : كان لرجل من الأنصار من بني سالم بن عوف ابنان متنصّران قبل مبعث
__________________
(١) لا يصح مثل هذا التأويل عن ابن عباس ، بل هو من بدع التأويل ، وكيف يصح هذا التأويل ، وكذا ما بعده ، مع وجود حديث حسن مرفوع؟!
ع [٢٩٧] ـ ضعيف بهذا اللفظ ، وقد صح عن ابن عباس ، دون اللفظ المرفوع. وهو بهذا اللفظ ورد مرسلا.
أخرجه الطبري ٥٨١٩ والبيهقي (٩ / ١٨٦) من طريق أبي عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير مرسلا.
ـ ووصله أبو داود ٢٦٨٢ والنسائي في «الكبرى» ١١٠٤٨ وابن حبان ١٤٠ والطبري ٥٨١٣ والنحاس في «الناسخ والمنسوخ» (ص ٨٢) والواحدي في «أسباب النزول» ١٥٨ و ١٥٩.
والبيهقي (٩ / ١٨٦) من طرق عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به دون عجزه «قد خيّر أصحابكم فإن اختاروكم ...» وإسناده صحيح.
وله شاهد مرسل عن عامر الشعبي ، أخرجه الطبري ٥٨١٥.
ع [٢٩٨] ـ أخرجه الطبري (٥٨٢١) و (٥٨٢٢) عن مجاهد مرسلا ، فهذا ضعيف لإرساله. لكن يشهد لما قبله. وله شاهد مرسل الشعبي ، أخرجه الطبري (٥٨١٦) و (٥٨١٧) ، وآخر برقم ٥٨٢٧ من مرسل الحسن.
ع [٢٩٩] ـ ضعيف. ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ١٦٢ عن مسروق بدون إسناد ، فلا حجة فيه البتة ، وله شاهد من مرسل السدي ، أخرجه الطبري ٥٨٢٠ ، ومع إرساله السدي يروي مناكير.
__________________
(١) في المطبوع «عمله».
(٢) كذا في المخطوط والطبري. وفي المطبوع «فإذا».
(٣) زيادة عن الطبري (٩ / ٥٨)