يوضع من الأقناء ، فنزل فيمن فعل ذلك (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ) ، أي : الحشف والرديء.
وقال الحسن ومجاهد والضحاك : كانوا يتصدّقون بشرار ثمارهم ورزالة أموالهم ويعزلون (١) الجيّد ناحية لأنفسهم ، فأنزل الله تعالى : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ) الرديء منه تنفقون ، (وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ) ، يعني : الخبيث ، (إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) ، الإغماض : غضّ البصر ، وأراد هاهنا : التجويز والمساهلة ، معناه : لو كان لأحدكم على رجل حقّ فجاءه بهذا لم يأخذه إلا وهو يرى أنه قد أغمض له عن حقّه وتركه ، قال الحسن وقتادة : لو وجدتموه يباع في السوق ما أخذتموه بسعر الجيّد. وروي عن البراء قال : لو أهدي ذلك لكم ما أخذتموه إلا على استحياء من صاحبه وغيظ ، فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم ، هذا إذا كان المال كلّه جيّدا فليس له إعطاء الرديء ، لأن أهل السهمان شركاؤه فيما عنده ، فإن كان كل ماله رديئا فلا بأس بإعطاء الرديء ، (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌ) عن صدقاتكم ، (حَمِيدٌ) ، محمود في أفعاله.
(الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦٨) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (٢٦٩))
(الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ) ، أي : يخوّفكم بالفقر ، ويقال : وعدته خيرا ووعدته شرا ، قال الله تعالى في الخير : (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً) [الفتح : ٢٠] ، وقال في الشرّ : (النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الحج : ٧٢] ، فإذا لم يذكر الخير والشر قلت في الخير : وعدته وفي الشر أوعدته ، والفقر سوء الحال وقلّة ذات اليد ، وأصله من كسر الفقار ، ومعنى الآية : أن الشيطان يخوّفكم بالفقر ، ويقول للرجل : أمسك عليك مالك فإنك إذا تصدّقت به افتقرت ، (وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) ، أي : بالبخل ومنع الزكاة ، وقال الكلبي : كل الفحشاء (٢) في القرآن فهو الزنا إلا هذا ، (وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ) ، أي : لذنوبكم [(وَفَضْلاً) ورزقا وخلفا](٣) ، (وَاللهُ واسِعٌ) غني (عَلِيمٌ).
[٣١٦] أخبرنا حسّان بن سعيد المنيعي (١) ، أخبرنا أبو طاهر الزيادي ، أخبرنا محمد بن الحسين القطان ، أخبرنا أحمد بن يوسف السلمي ، أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر (٢) عن همام بن منبه قال : حدّثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال :
__________________
(١) في الأصل «المنبعي» والتصويب عن «شرح السنة» و «الأنساب» للسمعاني.
(٢) زيد في الأصل بين معمر وهمام «عن هشام» وهو خطأ واضح.
[٣١٦] ـ إسناده صحيح ، أحمد بن يوسف هو الأزدي السلمي ، روى له مسلم ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم ، عبد الرزاق هو ابن همام صاحب المصنف ، ومعمر هو ابن راشد.
هو في «شرح السنة» ١٦٥٠ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٧٤١٩ ومسلم (٩٩٣) ح / ٣٧ وأحمد (٢ / ٣١٣) وابن خزيمة في «التوحيد» (ص ٦٨) وابن حبان ٧٢٥ والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص ٣٩٥ ـ ٣٩٦) من طريق عبد الرزاق بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري (٤٦٨٤ و ٧٤١١) ومسلم (٩٩٣) ح / ٣٦) والترمذي ٣٠٤٥ وابن ماجه ١٩٧ وأحمد (٢ / ٢٤٢ و ٥٠٠) وأبو يعلى ٦٢٦٠ من طرق عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به.
ـ وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» ٧٨٠ من طريق ابن أخي الزهري عن عمه عن الأعرج عن أبي هريرة به.
__________________
(١) في المطبوع «يعملون».
(٢) في المخطوط «فحشاء».
(٣) زيادة عن المخطوط و ـ ط.