وقوله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ، قال الأخفش : جعل الخبر بالفاء ، لأن (الَّذِينَ) بمعنى «من» ، [وجواب من بالفاء في الجزاء ومعنى](١) الآية : من أنفق كذا فله أجره عند ربّه ، (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٧٥))
قوله تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا) ، أي : الذين يعاملون به ، وإنما خصّ الأكل لأنه معظم المقصود من المال (لا يَقُومُونَ) ، يعني : يوم القيامة من قبورهم (إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ) ، أي : يصرعه (الشَّيْطانُ) ، أصل الخبط : الضرب والوطء وهو ضرب على غير استواء ، يقال : ناقة خبوط للتي تطأ (٢) الناس وتضرب الأرض بقوائمها ، (مِنَ الْمَسِ) ، أي : الجنون ، يقال : مسّ الرجل فهو ممسوس إذا كان مجنونا ، ومعناه : أن آكل الربا يبعث يوم القيامة كمثل المصروع.
[٣٢٦] أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا عبد الله بن حامد أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف ، أخبرنا عبد الله بن يحيى ، أخبرنا يعقوب بن سفيان أخبرنا إسماعيل بن سالم ، أخبرنا عباد بن عباد ، عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قصة الإسراء ، قال :
«فانطلق بي جبريل عليهالسلام إلى رجال كثير كل رجل منهم بطنه مثل البيت الضخم منضّدين (٣) على سابلة آل فرعون ، وآل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا ، قال : فيقبلون مثل الإبل المنهوكة (٤) يخبطون الحجارة والشجر لا يسمعون ولا يعقلون ، فإذا أحسّ بهم أصحاب تلك البطون قاموا ، فتميل بهم بطونهم فيصرعون ، ثم يقوم أحدهم فيميل به بطنه فيصرع ، فلا يستطيعون أن يبرحوا حتى يغشاهم آل فرعون فيطئونهم (٥) مقبلين ومدبرين فذلك عذابهم في البرزخ بين الدنيا والآخرة ، قال : وآل فرعون يقولون : اللهمّ لا تقم الساعة أبدا ، قال : [و] يوم القيامة يقال (٦) : أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب ، قلت : يا جبريل من هؤلاء؟ قال : هؤلاء (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ).
قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) ، أي : ذلك الذي نزل بهم لقولهم هذا واستحلالهم إياه ، وذلك أن أهل الجاهلية كان أحدهم إذا حلّ ماله على غريمه فطالبه [به](٧) ، فيقول
__________________
[٣٢٦] ـ إسناده ضعيف جدا لضعف أبي هارون العبدي وهو عمارة بن جوين ، ويأتي في سورة «الإسراء».
__________________
(١) ما بين المعقوفتين في المطبوع [وجوابها بالفاء في الخبر أو معنى].
(٢) في المخطوط «تخبط».
(٣) في المخطوط «متصدين».
(٤) في المطبوع و ـ ط «المنهومة» وفي القرطبي «المهيومة».
(٥) وقع في المطبوع «فيردّوهم» وفي المخطوط «فيرتد دونهم» والمثبت عن الطبري ٢٢٠٢٣ والقرطبي (٣ / ٣٥٥)
(٦) في المخطوط «يقول».
(٧) زيادة عن المخطوط و ـ ط.