الغريم لصاحب الحق : زدني في الأجل حتى أزيدك في المال ، فيفعلان ذلك ويقولون (١) : سواء علينا الزيادة في أول البيع بالربح أو عند المحل لأجل التأخير ، فكذّبهم الله تعالى فقال : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) ، واعلم أن الربا في اللغة الزيادة ، قال الله تعالى : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ) [الروم : ٣٩] ، أي : ليكثر فلا يربو عند الله ، وطلب الزيادة بطريق التجارة غير حرام في الجملة ، إنما المحرم زيادة على صفة مخصوصة في مال مخصوص بيّنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما :
[٣٢٧] أخبرنا أبو الحسن عبد الوهّاب بن محمد الخطيب ، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أخبرنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الوهّاب ، عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين ، عن مسلم بن يسار ورجل آخر ، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال :
«لا تبيعوا الذهب بالذهب ، ولا الورق بالورق ، ولا البر بالبر ، ولا الشعير بالشعير ، ولا التمر بالتمر ، ولا الملح بالملح ، إلا سواء بسواء عينا بعين يدا بيد ، ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب ، والبر بالشعير ، والشعير بالبر ، والتمر [بالملح ، والملح بالتمر](١) ، يدا بيد كيف شئتم» ، ـ [و] نقص أحدهما الملح أو التمر وزاد أحدهما ـ «فمن زاد أو استزاد فقد أربى».
وروي هذا الحديث [من] طرق (٢) عن محمد بن سيرين عن مسلم بن يسار وعبد الله بن عتيك عن عبادة ، فالنبيّ صلىاللهعليهوسلم نصّ على ستّة أشياء ، وذهب عامّة أهل العلم إلى أن حكم الربا يثبت في هذه الأشياء [الستة لأوصاف](٣) فيها فيتعدّى إلى كل مال توجد فيه تلك الأوصاف ، ثم اختلفوا في تلك الأوصاف ، فذهب قوم إلى أن المعنى في جميعها واحد (٤) وهو النفع ، وأثبتوا الرّبا في جميع الأموال وذهب الأكثرون إلى أن الرّبا يثبت في الدراهم والدنانير بوصف ، وفي الأشياء المطعومة بوصف آخر ، واختلفوا في ذلك الوصف ، فقال قوم : ثبت في الدراهم والدنانير بوصف النقدية ، وهو قول مالك والشافعي ، وقال قوم :
__________________
[٣٢٧] ـ حديث صحيح. إسناده ضعيف ، مسلم بن يسار لم يسمع من عبادة بن الصامت ، والرجل الذي قرن به لم يسمّ ، فالإسناد ضعيف ، لكن ورد موصولا كما سيأتي من وجوه ، عبد الوهّاب هو ابن عبد المجيد.
ـ وهو في «شرح السنة» ٢٠٤٩ بهذا الإسناد.
ـ أخرجه المصنف من طريق الشافعي وهو في «مسنده» (٢ / ١٥٧ ـ ١٥٨).
ـ وأخرجه البيهقي (٥ / ٢٧٦) من طريق الشافعي ثم كرره من طريق سلمة بن علقمة عن محمد بن سيرين أن مسلم بن يسار وعبد الله بن عتيك ... فذكره.
وقال : وهذا الحديث لم يسمعه مسلم بن يسار من عبادة بن الصامت إنما سمعه من أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة ا ه.
قلت : ورواية الأشعث التي أشار إليها البيهقي هي عند أبي داود ٣٣٤٩ والنسائي (٧ / ٢٧٧) والطحاوي (٤ / ٤) و (٦٦) والبيهقي (٥ / ٢٧٧) بإسناد صحيح.
ـ وحديث عبادة ورد من وجه آخر عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عنه أخرجه مسلم ١٥٨٧ وأبو داود ٣٣٥٠ والترمذي ١٢٤٠ وابن أبي شيبة (٧ / ١٠٣ ـ ١٠٤) وعبد الرزاق (١٤١٩٣) وابن الجارود ٦٥٠ وأحمد (٥ / ٣٢٠) وابن حبان (٥٠١٥) و (٥٠١٨) والدارقطني (٣ / ٢٤) والبيهقي (٥ / ٢٧٧) و (٢٨٢ و ٢٨٤).
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل واستدرك من «شرح السنة» وكتب الحديث.
__________________
(١) في المخطوط «فيقولان».
(٢) تصحف لفظ «طرق» في المطبوع إلى «مطرف».
(٣) زيد لفظ «الستة» في المطبوع و ـ ط. ولفظ «الأوصاف» في المطبوع «بالأوصاف» والمثبت عن المخطوط و «شرح السنة».
(٤) في المخطوط «وجد».