يضطر إليه كما يضطر إلى الميتة ، وقال قوم : لا قضاء عليه ، ثم اختلفوا في كيفية هذا الأكل بالمعروف ، فقال عطاء وعكرمة : يأكل بأطراف أصابعه ، ولا يسرف ولا يكتسي منه ، [وقال النخعي](١) : لا يلبس الكتان ولا الحلل ، ولكن ما سدّ الجوعة ووارى العورة ، وقال الحسن وجماعة : يأكل من تمر نخيله ولبن مواشيه بالمعروف ولا قضاء عليه ، فأما الذهب والفضة فلا ؛ فإن أخذ شيئا منه فعليه ردّه ، وقال الكلبي : المعروف ركوب الدابة وخدمة الخادم ، وليس له أن يأكل من ماله شيئا.
[٥٢٩] أخبرنا أبو إسحاق السرخسي أخبرنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال : سمعت القاسم بن محمد يقول : جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال : إنّ لي يتيما وإن له إبلا أفأشرب من لبن إبله؟ فقال : إن كنت تبغي ضالة إبله وتهنأ جرباها وتليط (١) حوضها وتسقيها يوم ورودها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب.
وقال بعضهم : والمعروف أن يأخذ [من جميع](٢) ماله بقدر قيامه وأجرة عمله ، ولا قضاء عليه ، وهو قول عائشة وجماعة من أهل العلم.
(فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ) ، هذا أمر وإرشاد ، وليس بواجب ، أمر الولي بالإشهاد على دفع المال إلى اليتيم بعد ما بلغ لتزول عنه التهمة وتنقطع الخصومة ، (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) محاسبا ومجازيا وشاهدا.
(لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (٧))
قوله تعالى : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) الآية.
ع [٥٣٠] نزلت في أوس بن ثابت الأنصاري توفي وترك امرأة يقال لها أم كجّة وثلاث بنات له منها ،
__________________
[٥٢٩] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم ، يحيى بن سعيد هو الأنصاري.
ـ وهو في «شرح السنة» (٢١٩٩) بهذا الإسناد ، وأخرجه مالك في «الموطأ» (٢ / ٣٤) عن يحيى بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق في «التفسير» (٥١٠ و ٥١١) من طريقين عن القاسم بن محمد.
(١) قال المصنف في «شرح السنة» (٤ / ٤٣٣): «تهنأ جرباها» أي : تطليها بالقطران ـ والهناء : القطران ـ وقوله : «وتليط حوضها» الصواب : وتلوط حوضها. أي : تطينه وتصلحه ـ واللط : المنع. يقال : لط الغريم وألط : إذا منع الحق.
[٥٣٠] ـ ذكره الواحدي في «أسباب النزول» (٢٩٥) بدون إسناده ، وأخرجه الطبري ٨٦٥٨ عن عكرمة مرسلا لكن باختصار.
ونسبه السيوطي في «الدر» (٢ / ٢١٧) لأبي الشيخ عن ابن عباس وكذا ذكره الواحدي في «الوسيط» (٢ / ١٤) عن ابن عباس في رواية الكلبي باختصار ، وبدون إسناد.
ـ وورد مختصرا من حديث جابر أخرجه أبو نعيم وأبو موسى كما في «الإصابة» (٤ / ٤٨٧) قال أبو موسى : كذا قال : ليس لهما شيء وأراد ليس يعطيان شيئا من ميراث أبيهما ، قال ابن حجر : قلت : رواية عن سفيان هو إبراهيم بن هراسة ضعيف ، وقد خالفه بشر بن المفضل ، عن عبد الله بن محمد ، عن جابر أخرجه أبو داود من طريقه قال : خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم .... ا ه.
وانظر «الإصابة في تمييز الصحابة» (٤ / ٤٨٧ ـ ٤٨٨) ترجمة أم كجة ، وهو عند أبي داود ٢٨٩١ و ٢٨٩٢ والترمذي ٢٠٩٢ وابن ماجه ٢٧٢٠ وأحمد ٣ / ٣٥٢ والحاكم ٤ / ٣٣٤ والواحدي ٢٩٨ والبيهقي ٦ / ٢٢٩ من حديث جابر بنحو سياق المصنف ، وليس فيه تسمية المرأة ، بل فيه : أن امرأة سعد بن الربيع ، والحديث حسن الإسناد.
__________________
(١) سقط من المخطوط و ـ ط وهو مثبت في المطبوع والطبري (٨٦٢٨ و ٨٦٢٩ و ٨٦٣٠ و ٨٦٣١ و ٨٦٣٢)
(٢) زيادة عن المخطوط و ـ ط.