مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث ، فدخلت على عليّ [بن أبي طالب] رضي الله عنه ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، ألا ترى أن الناس قد خاضوا في الأحاديث؟ قال : أو قد فعلوها؟ قلت : نعم ، قال : أما إني قد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ألا إنها ستكون فتنة ، فقلت : فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال : كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضلّه الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا تشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الردّ ، ولا تنقضي عجائبه ، هو الذي لم تنته الجن ـ أي لم يتوقفوا في قبوله ، وأنه كلام الله تعالى إذ سمعته ـ حتى قالوا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ) [الجن : ١. ٢] من قال به صدق ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم» ، خذها إليك يا أعور.
قال أبو عيسى : هذا [حديث] لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وإسناده مجهول ، والحرث فيه مقال ، [٦] أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو منصور محمد بن محمد بن [السمعاني] ، أنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرّيّاني (١) ، ثنا حميد بن زنجويه ، ثنا إسحاق بن عيسى ، قال : سمعت ابن لهيعة يقول : ثنا مشرح بن هاعان (٢) قال : سمعت عقبة بن عامر يقول : سمعت النبيّ صلىاللهعليهوسلم يقول : «لو كان القرآن
__________________
[٦] ـ الراجح وقفه. إسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة ، واسمه عبد الله ، وسبب وهنه ، أنه احترقت كتبه ثم اختلط بعد ذلك ، لكن حسن حديثه غير واحد إن كان من رواية أحد العبادلة عنه ، وهذا الحديث قد رواه عنه عبد الله بن يزيد المقري عند الطحاوي وغيره كما سيأتي ، وفيه مشرح بن هاعان مقبول.
ـ وهو في «شرح السنة» (١١٧٥) بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه أحمد (٤ / ١٥١ و ١٥٥) وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ٢٢ ـ ٢٣) وابن عدي (١ / ٤٦٩) والفريابي (١) و (٢) والطبراني في «الكبير» (١٧ / ٣٠٩ ـ ٣١٠) والطحاوي في «المشكل» (٩٠٦) وأبو الشيخ في «طبقات أصبهان» (٣ / ٥٩٤ ـ ٥٩٥) وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (٢ / ٣٢٣) وتمام الرازي في «الفوائد» (٤ / ٩٧) والبيهقي في «الشعب» (٥ / ٦١٨) وابن الجوزي في «الحدائق» (١ / ٤٩٨) من طرق عن ابن لهيعة بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه أحمد (٤ / ١٥٥) والدارمي (٢ / ٤٣٠) وأبو يعلى (١٧٤٥) والطحاوي في «المشكل» (٩٠٦) وأبو الفضل الرازي (١٢٥) والفريابي (٣) والشجري في «الأمالي» (١ / ١٢٠) من طرق عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ عن ابن لهيعة بهذا الإسناد.
وأبو عبد الرحمن المقرئ سمع من ابن لهيعة قبل الاختلاط فروايته عنه صحيحة ، والله أعلم. في قول الحافظ عبد الغني بن سعيد وغير واحد ، وضعف روايته آخرون ، سواء كان قبل الاختلاط وبعده ، وهو الصواب راجع «الميزان» وغيره.
ـ وله شاهد من حديث سهل بن سعد أخرجه ابن حبان في «المجروحين» (٢ / ١٤٨) وابن عدي في «الكامل» (١ / ٣٢ و ٥ / ٢٩٥) وإسناد ضعيف جدا فيه عبد الوهاب بن الضحاك ، وهو متروك.
ـ ومن حديث عصمة بن مالك أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٧ / ١٧٨) وابن عدي (٦ / ١٤) والبيهقي في «شعب الإيمان» (٥ / ٦١٨) وإسناده ضعيف لضعف الفضل بن المختار. قال ابن عدي : أحاديثه منكرة عامتها لا يتابع عليها ا ه. قلت : ومما يدل على وهن الحديث هو مناقضته للحسن والمشاهدة ، فقد ورد عن عثمان أنه جمع الناس على الأم ، وحرق ما سواه من المصاحف. ولعل الراجح كونه من كلام عبد الله بن عمرو بن العاص ، وأحسن منه ما رواه مسلم (٢٨٦٥) في حديث طويل «وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرأه نائما ويقظان» والمراد هنا أنه محفوظ في الصدور بحفظ الله تعالى.
(١) في الأصل «الزياتي» والتصويب عن «الأنساب» و «شرح السنة».
(٢) في الأصل «مسرح بن عاهان» والتصويب عن «شرح السنة» وكتب التخريج والتراجم.