ي : إذا اشتد الحرب جعلناه حاجزا بيننا وبين العدو ، [فكأنّ المتقي يجعل امتثال أمر الله والاجتناب عما نهاه حاجزا بينه وبين العذاب](١) ، قال عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] لكعب الأحبار : حدثنا عن اتقون ، فقال : هل أخذت طريقا ذا شوك؟ قال نعم ، قال : فما عملت فيه؟ قال : حذّرت وشمّرت (٢) ، قال كعب (١) : وذلك التقوى ، [وقال ابن عمر : التقوى أن لا ترى نفسك خيرا من أحد. وقال عمر بن عبد العزيز : التقوى ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله ، فما رزق الله بعد ذلك فهو خير إلى خير ، وقيل : هو الاقتداء (٢) بالنبي صلىاللهعليهوسلم.
ع [٣٥] وفي الحديث : «جماع التقوى» في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ)» [النحل : ٩٠] الآية ، وقال شهر بن حوشب : المتقي الذي يترك ما لا بأس به حذرا مما به بأس ، وتخصيص المتقين بالذكر تشريف لهم أو لأنهم هم المنتفعون بالهدى](٣).
(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣))
قوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ) موضع الذين خفض ، نعتا للمتقين (يؤمنون) يصدقون ، ويترك همزه أبو عمرو وورش ، والآخرون يهمزونه ، وكذلك يتركان كل همزة ساكنة هي فاء الفعل [نحو](٤) يؤمن ومؤمن إلا أحرفا معدودة ، وحقيقة الإيمان التصديق بالقلب ، قال الله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) [يوسف : ١٧] أي : بمصدق لنا.
وهو في الشريعة : الاعتقاد بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالأركان ، فسمي الإقرار والعمل إيمانا لوجه من المناسبة لأنه من شرائعه ، والإسلام هو الخضوع والانقياد فكل إيمان إسلام وليس كل إسلام إيمانا إذا لم يكن معه تصديق ، قال الله تعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) [الحجرات : ١٤] ، وذلك لأن الرجل قد يكون [مسلما](٥) في الظاهر غير مصدق في الباطن ويكون مصدقا في الباطن غير منقاد في الظاهر ، وقد اختلف [في](٦) جواب النبي صلىاللهعليهوسلم عنهما (٧) حين سأله جبريل عليهالسلام ، وهو ما :
[٣٦] أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد [بن علي بن] ...
__________________
(١) كعب هو ابن ماتع الحميري ، ويعرف ب ـ كعب الأحبار ـ عامة رواياته من الإسرائيليات.
[٣٥] ـ لا أصل له في المرفوع ، وإنما هو من كلام بعض أهل التفسير ، ويأتي في سورة النحل.
(٢) وقع في الأصل «اقتداء» والمثبت عن «ط».
[٣٦] ـ إسناده صحيح. عيسى بن أحمد العسقلاني ثقة ، وقد توبع ومن دونه ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
ـ وهو في «شرح السنة» (٢) بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه مسلم ٨ وأبو داود ٤٦٩٥ و ٤٦٩٧ والترمذي ٢٦١٠ والنسائي ٨ / ٩٧ وابن ماجه ٦٣ والطيالسي ٢١ وابن أبي شيبة ١١ / ٤٤ ـ ٤٥ وأحمد ١ / ٥٢ و ٥٣ و ١٠٧ وابن حبان ١٦٨ وابن مندة في «الإيمان» (١ ـ ٨ و ١٨٥ و ١٨٦) من طرق عن كهمس بهذا الإسناد.
__________________
(١) زيد في المطبوع.
(٢) في المطبوع «وتشمرت».
(٣) في المطبوع تقديم وتأخير في النص.
(٤) زيد في المطبوع.
(٥) في المطبوع «مستسلما».
(٦) سقط من المطبوع.
(٧) في المخطوط «فيها».