العموم ، فإنّ موضوعه «من نبت له شعر موجب للبلوغ» ، والاستصحاب ينفي هذا الموضوع كما عرفت ، ومعه لا يبقى مجال للتمسك بدليل العام ، فيكون الجاري في المقام هو الاستصحاب ، وبذلك ينفى التكليف عن هذا الشاك.
وقد يقال ثانيا في قبال ذلك : إنّ المقدّم هو أصالة العموم ، لأنّ مقتضاها بحسب مدلولها المطابقي هو شمول الحكم لهذا الشاك ، وحينئذ ، فتدلّ بالالتزام على أنّ ما نبت له من الشعر موجب للبلوغ ، ولوازم الإمارات حجّة ، ومعه يرتفع موضوع الاستصحاب ، إذ لا يبقى شكّ في كون هذا الشعر موجبا للبلوغ وعدمه.
وقد يقال ثالثا : بعدم تقديم أحدهما ، بل هما متعارضان.
وتقريب ذلك : هو إنّ الاستصحاب في المقام ينقح موضوع عدم التكليف بالنسبة لهذا الشاك ، لأنّه يثبت عدم نبات الشعر الموجب للبلوغ.
بينما أصالة العموم ، فإنّها تثبت وجوب الصّلاة على هذا الشاك بمدلولها المطابقي ، إلّا أنّها لا تدلّ بالالتزام على أنّ الشعر النابت موجب للبلوغ كما ادّعي ، وذلك لأنّها لو دلّت بالالتزام على ذلك ، لكان منشأ هذا التلازم هو دليل الخاص القائل : «بأنّ من لم ينبت له شعر فلا تجب عليه الصّلاة حتّى لو كان شاكّا» ، إذن ، فبضم هذا الخاص إلى ذلك العام ، يثبت إنّ هذا الشاك لم ينبت له شعر موجب للبلوغ ، وإلّا لو قطعنا النظر عن الخاص لما أمكن استفادة التلازم المذكور.
إلّا أنّ الاستعانة بالدليل الخاص في مثل ذلك غير ممكن ، لأنّ الغاية من التمسك بهذا العموم ليست إدخال الفرد المشكوك تحته ، بل إخراجه من تحته ، وإدخاله تحت العام الأولي ، وهو (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ،