بنحو الشبهة المفهومية ، كما لو شكّ في أنّ الشعر الّذي نبت له ، هل يتحقّق به البلوغ ، أو لا؟ وفي مثله : لا بدّ من حل هذه الشبهة اجتهادا ، أو تقليدا ، أو احتياطا ، والرّجوع إلى الوظائف المقرّرة في مثل المقام.
ومرجع هذه الشبهة في أكثر الحالات ، إلى وجود عام ، ومخصّص مجمل مفهوما ، يدور أمره بين الأقل والأكثر ، فالعام ، كقوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ، والمخصّص المجمل مفهوما هو ما دلّ على أنّ من لم ينبت له شعر لا تجب عليه الصّلاة.
وهنا يفرض إجمال الشعر ، من حيث كون المراد به خصوص الخشن ، أو ما يشمل الناعم.
وحينئذ ، يدور أمره بين الأقل والأكثر ، فإذا شكّ إنسان في أنّ ما نبت له من شعر ، هل يتحقّق به البلوغ أو لا؟ فلا إشكال في أنّه يرجع إلى العموم ، وهو قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ، وبه يثبت وجوب الصّلاة على هذا الشاك ، هذا إذا لم نقل بجريان الاستصحاب في الشّبهات المفهوميّة كما هو الصحيح.
وأمّا إذا بنينا على جريان الاستصحاب فيها ، فإنّ مقتضاها عدم وجوب الصّلاة على هذا الشاك وذلك باعتبار استصحاب عدم نبات الشعر الموجب للبلوغ ، وحينئذ ، فهذا الاستصحاب لو لا عموم (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) لجرى ونفى التكليف ، إلّا أنّه باعتبار وجود العموم هذا ، لا بدّ له من ملاحظته بالنسبة إليه ليرى أيّهما المقدّم في المقام ، وهذا بحث كلّي كان ينبغي ذكره في مباحث العام والخاص في موارد دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص.
وحاصل الكلام في ذلك : هو أنّه قد يقال أولا : إنّ الاستصحاب هو المقدّم في المقام على أصالة العموم ، وذلك لأنّه يرفع موضوع