فيكون حال من شرب الماء بتخيّل أنّه خمر ، كحال النائم يشرب خمرا والوجه فيه هو ، انّ ما قصد لم يقع ، وما وقع لم يقصد ، فما قصده المتجري ، وهو شرب الخمر ، لم يقع في الخارج ، وما وقع منه في الخارج ، وهو شرب الماء ، لم يقصده ولم يرده ، إذن فلا يكون فعلا اختياريا له.
ثمّ انّ الآخوند «قده» (١) استشكل على نفسه فقال : إنّه يمكن أن يقال : بأخذ جامع بين ما قصد ، وما وقع ، وهذا الجامع هو «المائع» وبذلك يكون ما وقع قد قصد ووقع منه بالاختيار ، فإنّ الّذي قصد هو شرب مقطوع الخمرية ، وهو مائع ، وأمّا الّذي وقع وتحقّق هو شرب الماء ، والماء مائع أيضا ، إذن فهناك جامع بين ما قصد وما وقع ، وهو شرب المائع ، إذن يمكن القول بأنّه وقع منه شرب المائع بالاختيار.
ثمّ أجاب على استشكاله ، بأنّ الإرادة المتعلقة بالجامع إرادة ضمنيّة لا استقلاليّة ، لأنّه أراد الجامع في فردّه الّذي هو شرب الخمر ، بينما المراد استقلالا إنّما هو الخمر ، ولهذا لو منع من شرب الخمر لما شرب مائعا آخر ، إذن فالجامع بالمقدار الّذي قصده في ضمن حصة الخمر لم يقع ، وبالمقدار الّذي وقع في ضمن حصة الماء لم يقصد ، إذن على ما ذا يحاسب المتجرّي؟.
ولنا هنا كلامان :
١ ـ الكلام الأول : هو نقضي ، نقول فيه : إنّه بناء على هذا التحليل ، يلزم جواز ارتكاب المعصية في كل مورد تعلق قصد المكلّف ببعض أفراد الحرام من الجامع ، ويكون الواقع فردا آخر من الحرام ، كما لو كان يريد شرب الخمر العنبي ، فشرب بتخيّل أنّه خمر عنبي ، لكن
__________________
(١) المصدر السابق.