بالإصابة وانّ القاطع غير المصيب ليس بعالم ، فأخذ المصادفة قيدا في العلم ، وهذا خلاف مقصود صاحب هذا البرهان ، وإلّا فيمكن التعبير بالقطع بدلا عن العلم.
وغرابة هذه المطالب من هؤلاء الأعاظم ، تدعو لاحتمال أن لا تكون صادرة عنهم ، أو لاحتمال شيء آخر كانوا يقصدونه.
٢ ـ البرهان الثاني : وهو المقدّمة الرابعة في برهان الشيرازي «قده» ، والّتي قلنا إنّها يمكن جعلها برهانا.
وحاصلها : انّ الميزان في استحقاق العقاب ، إمّا القبح الفعلي وإمّا القبح الفاعلي ، والأول باطل ، إذ يلزم منه أنّ المكلّف لو ارتكب حراما بتخيّل أنّه حلال ، يلزم منه أن يكون مستحقا للعقاب ، لأنّ القبح الفعلي محفوظ ، مع أنّ هذا لا يستحق العقاب ، وحينئذ يتعيّن الشق الثاني ، وهو أن يكون ملاك حكم العقل باستحقاق العقاب هو القبح الفاعلي ، وهذا محفوظ في العاصي والمتجري معا ، وإنّما يختلفان في القبح الفعلي فقط.
وقد ناقش الميرزا «قده» فيه ، بأنّه يوجد شق ثالث (١) وهو ، إنّا لا نقول بأنّ مناط استحقاق العقاب هو القبح الفعلي ليردّ النقض ، ولا القبح الفاعلي على إطلاقه ليلزم إشراك المتجرّي مع العاصي ، بل نقول : بأنّ الملاك هو القبح الفاعلي الناشئ من القبح الفعلي ، أي من مجموع القبحين ، لأنّ القبح الفاعلي ، تارة ينشأ من سوء السريرة ، وأخرى ينشأ من قبح الفعل ، وبهذا يفرّق بين العاصي والمتجري ، وحينئذ لا يردّ النقض ، لأنّ المتجري وإن كان له قبح فاعلي ، لكن لأنّه غير ناشئ من الفعلي فلا عقاب له ، بل يختصّ العقاب بالعاصي.
__________________
(١) أجود التقريرات : الخوئي ، ج ٢ ، ص ٢٩.