المقتضي ، حيث أنّ الاستحقاق علّة مركّبة من مقتضي وعدم مانع ، فالمقتضي يجب أن يكون أمرا اختياريا دائما ، وأمّا المانع عن الاستحقاق فلا يلزم كونه اختياري ، وهذا أمر لا بدّ من الالتزام به ، إذ هناك أمور غير اختيارية تكون مانعة عن الاستحقاق جزما كالعجز مثلا ، كما لو فرض أنّه حدّث نفسه بشرب الخمر لكنّه كان عاجزا عنه ، فهنا لا عقاب ، لوجود المانع الّذي هو غير اختياري ، وهذه كبرى.
وحينئذ نقول : انّه لو فرض أنّنا نقول : بأنّ نفس المصادفة هي المقتضي لتمّ ما ذكر ، وأمّا إذا فرض أنّ المقتضي للاستحقاق كان عبارة عن نفس تصدّيه لعصيان المولى ـ وهذا قد وقع منه بمحض اختياره ـ إذن ، فهذا المعنى أمر اختياري محفوظ في المتجري والعاصي معا ، غايته أنّه في العاصي ، المقتضي أثّر أثره ، لعدم اقترانه بالمانع ، وأمّا في المتجري ، فقد اقترن هذا المقتضي بالمانع ، وهو خطؤه في التشخيص ، وهذا المانع وإن كان غير اختياري لكن لا يضرّ في كونه مستحقّا للعقاب.
وهذا الجواب على مستوى هذا البيان صحيح : إلّا أنّ هذا الّذي ذكره الشّيخ الأعظم «قده» (١) لو صيغ بالعبارة الّتي صغناه بها لانطبق على مسلكنا ، فإنّ المتجري والعاصي كلاهما هتك المولى وستر المولويّة وتحدّاه ، ولا فرق بينهما من هذه الناحية ، ومجرد إصابة هذا ، وعدم إصابة ذاك ، لا دخل لها في مقدار التحدّي ، بل نسبة التحدّي واحدة ، وحيث أنّ حقّ المولويّة مرجعه إلى حقّ احترامي ، فنسبة هتك هذا الحق إليهما على حدّ سواء ، فلا بدّ أن يشتركا في العقاب ، وحينئذ ، بهذا البيان يكون هذا البرهان صحيحا.
__________________
(١) فرائد الأصول : الأنصاري ، ص ٥ ، ٦.